التي اكتسبها الإنسانُ طوال حياته، كما هو ثابت في الحديث الشريف. (1) وهكذا من أجل هذه الحِكَم والأسرار، كرر القرآن الكريم الترغيبَ والترهيب وأعادهما ليزجر المؤمن ويجنّبه الذنوب والآثام ويحثه على الخير والصلاح.
ولقد جال في ذهني يوماً سؤالٌ حول هذا التكرار في التوجيه والإرشاد القرآني وهو: ألا تكون هذه التنبيهات المستمرة مدعاةً لجرح شعور المؤمنين في ثباتهم وأصالتهم وإظهارهم في موقف لا يليق بكرامة الإنسان؟. لأن تكرار الأمر الواحد على الموظف من آمره يجعله في موقف يَظنُّ كأنه متّهم في إخلاصه وولائه، بينما القرآن الكريم يكرّر أوامرَه بإصرار على المؤمنين المخلصين.
وحينما كان هذا السؤال يعصر ذهني كان معي جمعٌ من الأصدقاء المخلصين فكنتُ أذكّرهم وأنبّههم باستمرار كي لا تغرّهم دسائس شياطين الإنس، فلم أرَ امتعاضاً أو اعتراضاً منهم قط، ولم يقل أحد منهم: إنك تتّهمنا في إخلاصنا. ولكني كنتُ أخاطب نفسي وأقول: أخشى أنني قد أسخطتُهم بتوجيهاتي المتكررة لهم وكأني أتهمتهم في وفائهم وثباتهم. وبينما أنا في هذه الحالة انكشفت الحقائق المثبتة والموضحة في الإشارات السابقة، فعلمتُ أن أسلوب القرآن الحكيم في تكرار التنبيه مطابقٌ لمقتضى الحال، وضروري جداً، وليس فيه أية مبالغة ولا إسراف قط، ولا اتهام للمخاطبين، حاشَ لله، بل هو حكمةٌ خالصة، وبلاغة محضة. وعَلمتُ كذلك لِمَ لمْ يمتعض ويتكدّر أولئك الأصدقاء الأعزاء من ترديدي النصح لهم؟
وخلاصة تلك الحقيقة هي: أنَّ الفعل الجزئي القليل الذي يصدر عن الشياطين يكون سبباً لحصول شرور كثيرة، لأنه تخريبٌ وهدم، لذا كان لابد لأولئك الذين يسلكون طريق الحق والهداية أن يُجنَّبوا ويُنَبَّهوا كثيراً، ويأخذوا حذرهم ويُمَدّ لهم يدُ العون دائماً لكثرة حاجتهم إليها. لهذا يقدّم الله سبحانه وتعالى في ذلك التكرار عوناً وتأييداً لهم بعدد ألف اسم من أسمائه الحسنى، ويمدّهم بآلاف من أيادي الرحمة والشفقة لإسنادهم وإمدادهم، فلا يقدح به كرامةَ المؤمن بل يقيه ويحفظه، ولا يهوّن شأن الإنسان بل يظهر ضخامة شر الشيطان.
فيا أهل الحق وأهل الهداية! دونكم سبيل النجاة والخلاص من مكايد شيطان الجن
ولقد جال في ذهني يوماً سؤالٌ حول هذا التكرار في التوجيه والإرشاد القرآني وهو: ألا تكون هذه التنبيهات المستمرة مدعاةً لجرح شعور المؤمنين في ثباتهم وأصالتهم وإظهارهم في موقف لا يليق بكرامة الإنسان؟. لأن تكرار الأمر الواحد على الموظف من آمره يجعله في موقف يَظنُّ كأنه متّهم في إخلاصه وولائه، بينما القرآن الكريم يكرّر أوامرَه بإصرار على المؤمنين المخلصين.
وحينما كان هذا السؤال يعصر ذهني كان معي جمعٌ من الأصدقاء المخلصين فكنتُ أذكّرهم وأنبّههم باستمرار كي لا تغرّهم دسائس شياطين الإنس، فلم أرَ امتعاضاً أو اعتراضاً منهم قط، ولم يقل أحد منهم: إنك تتّهمنا في إخلاصنا. ولكني كنتُ أخاطب نفسي وأقول: أخشى أنني قد أسخطتُهم بتوجيهاتي المتكررة لهم وكأني أتهمتهم في وفائهم وثباتهم. وبينما أنا في هذه الحالة انكشفت الحقائق المثبتة والموضحة في الإشارات السابقة، فعلمتُ أن أسلوب القرآن الحكيم في تكرار التنبيه مطابقٌ لمقتضى الحال، وضروري جداً، وليس فيه أية مبالغة ولا إسراف قط، ولا اتهام للمخاطبين، حاشَ لله، بل هو حكمةٌ خالصة، وبلاغة محضة. وعَلمتُ كذلك لِمَ لمْ يمتعض ويتكدّر أولئك الأصدقاء الأعزاء من ترديدي النصح لهم؟
وخلاصة تلك الحقيقة هي: أنَّ الفعل الجزئي القليل الذي يصدر عن الشياطين يكون سبباً لحصول شرور كثيرة، لأنه تخريبٌ وهدم، لذا كان لابد لأولئك الذين يسلكون طريق الحق والهداية أن يُجنَّبوا ويُنَبَّهوا كثيراً، ويأخذوا حذرهم ويُمَدّ لهم يدُ العون دائماً لكثرة حاجتهم إليها. لهذا يقدّم الله سبحانه وتعالى في ذلك التكرار عوناً وتأييداً لهم بعدد ألف اسم من أسمائه الحسنى، ويمدّهم بآلاف من أيادي الرحمة والشفقة لإسنادهم وإمدادهم، فلا يقدح به كرامةَ المؤمن بل يقيه ويحفظه، ولا يهوّن شأن الإنسان بل يظهر ضخامة شر الشيطان.
فيا أهل الحق وأهل الهداية! دونكم سبيل النجاة والخلاص من مكايد شيطان الجن
Yükleniyor...