فهل يُعقل أن لا يتكلم هذا الخالق البديع مع أفاضل الإنسان الذي هو سيد المخلوقات؟.. وهل يمكن أن لا يبعث مِن أولئك الأفاضل رسلا، فتظلَّ تلك الصنائع الجميلة دون تقدير، ويظل جمال تلك الأسماء الحسنى الخارقة دون استحسان ولا إعجاب، ويظل تعريفه وتحبيبه دون مقابل؟! حاشا لله وكلا.. ثم ألف مرة كلا!

ثم إن المتكلم العليم الذي يستجيب -في الوقت المناسب- لدعوات جميع ذوي الحياة، ملبيا حاجاتها الفطرية، ومغيثا تضرعاتها ورغباتها المرفوعة إليه بلسان الحال، فيتكلم صراحة فعلا وحالا بإحساناته غير النهائية لهم وإنعاماته غير المحدودة عليهم، مُظهِرا القصد والاختيار والإرادة. فهل يمكن وهل يعقل أن يتكلم هذا المتكلم العليم مع أصغر كائن حي فعلا وحالا ويسعفَ داءه ويغيثَه بإحسانه ويسد حاجاته، ثم لا يقابلَ الرؤساء المعنويين للإنسان الذي هو سيد أغلب المخلوقات الأرضية، وهو خليفة الله في أرضه، وهو النتيجة المستخلصة من الكائنات؟.. أم هل يعقل أن لا يتكلم معهم قولا وكلاما مثلما يتكلم مع كل ذي حياة فعلا وحالا؟.. أم هل يمكن أن لا يرسل معهم أوامره، وصحفه وكتبه المقدسة؟ حاشَ لله.. ثم ألف مرة كلا.!

وهكذا يُثبِت «الإيمانُ بالله» مع حججه القاطعة الثابتة الإيمانَ «بكتبه» المقدسة «وبرسله» الكرام عليهم السلام.

ثم إن الذي جعل الكون يدوي بحقيقة القرآن ويترنم بها، والذي عَرَفَ وعَرَّفَ بأكمل وجهٍ ذلك الخالقَ البديع فأحبَّه وحَبَّبه، وأدى شكره له ودلّ الآخرين على القيام بشكره، بل جعل الأرض تردد: «سبحان الله والحمد لله والله أكبر» حتى أسمعت السماوات العلى.. والذي قابل الربوبية الظاهرة للخالق بعبودية واسعة كلية، فقاد خُمس البشرية كمية ونصفها نوعية خلال ألف وثلاثمائة سنة قيادة أهاج بها البر والبحر وملأهما شوقا ووجدا.. والذي هتف بالقرآن الكريم في أذن الكون وعلى مدى جميع العصور إزاء المقاصد الإلهية، فألقى درسا عظيما، ودعا بدعوة كريمة، مُظهِرا وظيفةَ الإنسان وقيمته، ومبينا مرتبته ومنزلته.. ذلك هو محمد الأمين ﷺ الصادق المصدّق بألف معجزةٍ ومعجزة.

فهل يمكن ألا يكون هذا العبد العزيز المصطفى المختار أكرمَ رسولٍ لذلك المعبود الحق؟.. وهل يمكن أن لا يكون أعظم نبي له؟ حاشا وكلا.. ألف ألف مرة كلا.!


Yükleniyor...