الحقيقة الثانية: هي التكلم الإلهي الصادر من صفة الكلام.

إن الكلام الإلهي سبحانه لا نهاية له، وذلك بسر الآية الكريمة:

﹛﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبّ۪ي ﴾|﹜ (الكهف:١٠٩).


فالكلام أظهرُ دليل على معرفة وجود المتكلم، أي إن هذه الحقيقة (التكلم الإلهي) تشهد شهادات غير متناهية على وجود المتكلم الأزلي سبحانه وعلى وحدانيته. ولقد جاءت شهادتان قويتان لهذه الحقيقة بما بُيّن في المرتبتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من هذه الرسالة من حيث الوحي والإلهام. وجاءت شهادة أخرى واسعة في المرتبة العاشرة منها حيث أشير إلى الكتب المقدسة السماوية، وهناك شهادة أخرى ساطعة وباهرة وجامعة هي في المرتبة السابعة عشرة حيث القرآن الكريم المعجز. فنحيل بيان هذه الحقيقة وشهادتها إلى تلك المراتب.

وهكذا فقد كانت أنوارُ وأسرار الآية الكريمة: ﹛﴿ شَهِدَ اللّٰهُ اَنَّهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ وَالْمَلٰٓئِكَةُ وَاُو۬لُوا الْعِلْمِ قَٓائِمًا بِالْقِسْطِ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ ﴾|﹜ (آل عمران:١٨) التي أعلنت هذه الحقيقة إعلانا معجزا، وأفادت شهادتها مع شهادة بقية الحقائق، كانت كافية ووافية لصاحبنا السائح حتى إنه لم يستطع أن يتجاوزها.

فذُكرت في المرتبة التاسعة عشرة من المقام الأول إشارة لِمعانٍ مختصرة لما تلقاه هذا المسافر من درس في هذا المقام القدسي:

[لا إله إلّا الله الواجب الوجود الواحد الأحد، له الأسماء الحسنى، وله الصفات العليا، وله المثل الأعلى، الذي دلّ على وجوب وجوده في وحدته الذاتُ الواجب الوجود، بإجماع جميع صفاتِهِ القدسيّةِ المحيطة، وجميع أسمائه الحسنى المتجلية، وباتفاق جميع شؤوناته وأفعاله المتصرفةِ، بشهادةِ عظمةِ حقيقةِ تَبارُزِ الألوهية في تظاهُر الربوبية، في دوام الفعالية المستولية، بفعل الإيجاد والخلق والصنع والإبداع بإرادة وقدرةٍ، وبفعلِ التقدير والتدبير والتدوير باختيار وحكمةٍ، وبفعل التصريف والتنظيم والمحافظة والإدارة والإعاشة بقصدٍ ورحمةٍ، وبكمال الانتظام والموازنةِ. وبشهادةِ عظمةِ إحاطةِ حقيقةِ أسرار: ﹛﴿ شَهِدَ اللّٰهُ اَنَّهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ وَالْمَلٰٓئِكَةُ وَاُو۬لُوا الْعِلْمِ قَٓائِمًا بِالْقِسْطِ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا هُوَ الْعَز۪يزُ الْحَك۪يمُ ﴾|﹜ .]


Yükleniyor...