ألما شديدا وحَزِن عليهم حزنا يشعره بآلام اليأس كالعذاب الشديد في جهنم، فندم ألف ندم على دخوله هذا العالم الحزين النكد.

وإذ هو يكابد هذه الآلام ويعاني منها ما يعاني إذا بحكمة القرآن الكريم تمدّه وتسعفه، مسلّمة له مِنظارَ ﹛﴿ الَّذ۪ينَ اَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾|﹜ قائلة له: انظر.. فنظر ورأى:

أن كل اسم من أسماء الله الحسنى أمثال: الرحمن، الرحيم، الرزاق، المنعم، الكريم، الحفيظ، قد أشرق كالشمس الساطعة، وذلك بتجلي ﹛﴿ اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ ﴾|﹜ عند بروج الآيات الكريمة: ﹛﴿ مَا مِنْ دَٓابَّةٍ اِلَّا هُوَ اٰخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ﴾|﹜ (هود:٥٦) ﹛﴿ وَكَاَيِّنْ مِنْ دَٓابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَاۗ اَللّٰهُ يَرْزُقُهَا وَاِيَّاكُمْ ﴾|﹜ (العنكبوت:٦٠) ﹛﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَن۪ٓي اٰدَمَ ﴾|﹜ (الإسراء:٧٠) ﹛﴿ اِنَّ الْاَبْرَارَ لَف۪ي نَع۪يمٍ ﴾|﹜ (الانفطار:١٣)

فانغمرت دنيا الإنسان والحيوان بتلك الرحمة السابغة والإحسان العميم حتى كأنها تحولت إلى جنة موقتة. فعلم السائح أن هذه الدنيا بما فيها تعرّف تعريفا جيدا المُضيّف الكريم لهذا المَضيف الجميل الجدير بالمشاهَدة، المليئ بالعبر، فحمد الله سبحانه ألف حمد قائلا: الحمد لله رب العالمين.

النموذج الثالث من سياحة السائح التي تحوى مئات من مشاهداته:

إن ذلك السائح في الدنيا، الذي يريد معرفة خالقه، من خلال تجليات أسمائه الحسنى وصفاته الجليلة خاطب عقله وخياله قائلا: هيا لنصعد إلى السماوات العلى كالأرواح والملائكة تاركين أجسادنا في الأرض، ولنسأل عن خالقنا أهلَ السماوات. فركب العقلُ الفكرَ والروحُ الخيالَ وصعدوا جميعا إلى السماء متخذين علمَ الفلك مرشدَهم، ونظروا بمنظار «الضالين.. المغضوب عليهم» أي بمنظار الفلسفة التي لا تعير للدين بالا، فشاهد السائح: أن آلاف الأجرام والنجوم المستطيرة نارا وَتَكْبُرُ الأرضَ ألف مرة وتنطلق وتجرى متداخلة أسرعَ من سرعة القذائف مائة مرة وهي جامدة لا شعور لها، كأنها سائبة، حتى إن ما أخطأت إحداها سبيلَها لدقيقة واحدة مصادفةً واصطدمت مع أخرى لا شعور لها اختلط الحابل بالنابل وعمّت الفوضى وحدث ما يشبه القيامة في ذلك العالم غير المحدود.

فما من جهة نظر إليها السائح إلّا وأورثته الوحشةَ والدهشة والحيرة والخوف، فندم على

Yükleniyor...