بل إن جميع الانجذابات والأشواق والجاذبات والجواذب الموجودة في الكون كله والحقائق الجذابة إنما هي إشارات إلى حقيقةِ جاذبة أبدية أزلية، وإن دوران الأجرام العلوية والسفلية وحركاتِها التي تؤديها كالمريد المولوي العاشق الذي ينهض للسماع، إنما هو مقابلة ذات عشق في أداء الوظيفة تجاه الظهور المهيمن للجمال المقدس لتلك الحقيقة الجاذبة. كما هو لدى بعض العاشقين أمثال شمس التبريزي.(∗)

النكتة الثالثة: لقد أجمع أهل التحقيق: «أن الوجود خيرٌ محض ونور، وأن العدم شر محض وظلام»، واتفق أئمة أهل القلب والعقل على: «أن جميع الخيرات والحسنات والمحاسن واللذائذ -نتيجة التحليل- ناشئة من الوجود، وأن جميع المفاسد والشرور والمصائب والآلام -حتى المعاصي- راجعة إلى العدم».

إن قلت: كيف يكون الوجود منبعَ جميع المحاسن، وفي الوجود كفر وأنانية النفس؟

الجواب: أما الكفر، فلأنه إنكار لحقائق الإيمان ونفيٌ لها، فهو عدم. وأما وجود الأنانية فهو عدم، إلّا أنه اصطبغ بصبغة الوجود واتّخذ صورتَه حيث إنه تَصوُّرُ الموهومِ حقيقةً واقعة، وتملّكٌ غيرُ حقيقي، وجهلُ الأنانية كونَها مرآةً ليس إلّا.

فما دام منبعُ جميع أنواع الجمال هو الوجود ومنبعُ جميع أنواع القبائح هو العدم، فلاشك أن أقوى وجودٍ وأعلاه وأسطَعه وأبعدَه عن العدم، هو وجودُ واجبٍ أزلي وأبدي. وهو يتطلب أقوى جمالٍ وأعلاه وأسطعَه وأبعدَه عن القصور، بل يعبّر عن مثل هذا الجمال، بل يكون هذا الجمال، إذ كما تستلزم الشمسُ الضياءَ المحيط بها يستلزم الواجبُ الوجود جمالا سرمديا أيضا، فينور به.

الحمد لله على نعمة الإيمان

﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَٓا اِنْ نَس۪ينَٓا اَوْ اَخْطَأْنَا ﴾

﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ ﴾

∗ ∗ ∗


Yükleniyor...