الشق الثاني من السؤال: (11)

لنسلّم بهذا الجواب العام الذي يخص الشيطان والكافر. ولكن لِمَ يَبتلي الغنيُّ المستغني، الجميلُ المطلق، الرحيم المطلق، الخير المطلق، أفرادا ضعفاء بالمصائب والشرور والقبائح؟

الجواب: إن جميع أنواع البِرّ والحسن والنعم آتيةٌ مباشرةً من خزينة رحمة ذلك الجميل المطلق والرحيم المطلق ويرِد من فيض إحسانه الخاص. أما المصائب والشرور فهي نتائجُ جزئيةٌ قليلة فردية من بين كثير من النتائج المترتبة على قوانينه العامة والكلية، قوانين سلطان ربوبيته التي تمثّل الإرادات الكلية الجارية تحت اسم «نواميس الله وعاداته»، فتصبح تلك الأمور من المقتضيات الجزئية لجريان تلك القوانين. لذا فلأجل الحفاظ على تلك القوانين ورعايتها والتي هي مبعثُ المصالح الكلية ومدارها يخلق سبحانه تلك النتائجَ الجزئيةَ ذاتَ الشرور. ولكن تجاه تلك النتائج الجزئية الأليمة يغيث استنجاداتِ الأفراد الذين ابتُلوا بالمصائب واستغاثاتِ الذين نزلت بهم البلايا، بإمداداته الرحمانية الخاصة وبإحساناته الربانية الخصوصية. فيُظهر بهذا أنه الفاعلُ المختار وأن كلَ شأن في كل شيء وثيقُ الصلة بمشيئته تعالى، وأن قوانينه العامة أيضا تابعة دائما لإرادته واختياره، وأن ربا رحيما يسمع نداء الذين يعانون من ضيق تلك القوانين العامة فيغيثهم ويمدّهم بإحسانه عليهم، وأنه بهذه الإحسانات الخصوصية والتوددات الخصوصية قد فَتَح أبوابَ تجلياته الخصوصية حيث قد فتح ميدانا لا يحد ولا يقيَّد لتجليات الأسماء الحسنى غيرِ المقيدة وغير المحدودة، بشواذ النواميس الكلية والقوانين العامة ونتائجِها الجزئية ذات الشرور.

وحيث إن هذه العلامة الثانية للتوحيد قد وُضّحت في مائة موضع من «سراج النور» اكتفينا بإشارة عابرة إليها.

الحجة والعلامة الثالثة، التي تشير إليها «له الملك وله الحمد» بعلامات توحيد لا تعدّ ولا تحصى.

نعم، إن في وجه كل شيء -كليا كان أم جزئيا، ابتداءً من الذرات إلى السيارات- علامةَ توحيدٍ واضحةً جلية كوضوح جلوة الشمس في المرآة ودلالتها على الشمس نفسها. فمرآة

Yükleniyor...