نكتفي بهذا القدر نظراً لقيام رسائل النور بإيضاح هذه الحقيقة الرابعة وإثباتها بتفصيل أكثر.
ورأى صاحبنا السائح في المنزل الثاني:
الحقيقة الخامسة: الانتظام الأكمل ووحدة المواد
أي وحدة الانتظام الأكمل في مجموع الكون وأركانه وأجزائه بل في كل موجود فيه، ووحدة موظفي ومواد الكون الواسع التي هي محور إدارته ومتعلقة بهيئته العامة. وكون الأسماء والأفعال المصرِّفة لتلك المدينة العظيمة والمحشر العجيب محيطةً وشاملة كل شيء، فالاسم هو نفسه والفعل هو نفسه والماهية هي نفسها في كل مكان، رغم تداخل بعضه في البعض الآخر، وكون العناصر والأنواع التي هي الأساس في بناء ذلك القصر الفخم وفي إدارته وفي إضفاء البهجة عليه، محيطةً بسطح الأرض بانتشارها في أكثر بقاعها، مع بقاء العنصر نفسه، والنوع نفسه واحدا، وذا ماهية واحدة في كل مكان رغم تداخل بعضه في البعض الآخر.. كل ذلك يقتضي بداهة، ويدل ضرورة ويُشهد ويُري أن صانع هذا الكون ومدبّرَه، وأن سلطان هذه المملكة ومربيها، وأن صاحب هذا القصر وبانيه، واحدٌ أحد فرد، ليس كمثله شيء، لا وزير له ولامعين، لا شريك له ولا ندّ، منزّهٌ عن العجز، متعالٍ عن القصور.
نعم، إن الانتظام التام إنما هو دليل بذاته على الوحدة؛ إذ يستدعى منظما واحدا، فلا يسعه الشرك الذي هو محور المجادلة والمشاكسة.
فما دام هناك انتظام حكيم ودقيق في الكون كله -كليا كان الشيء أم جزئيا- ابتداءً من دوران الأرض اليومي والسنوي، إلى سيماء الإنسان، وإلى منظومة شعوره، وإلى دوران الكريات الحمر والبيض وجريانهما في الدم، فلا يمكن لشيء أن يمدّ يده ويتدخل قصدا وإيجادا سوى القادر المطلق والحكيم المطلق، بل يبقى كل شيء سواه منفعلا ومتلقيا ومَظهرا للقبول ليس إلّا.
وما دام القيام بالتنظيم ومنحُ النظام وبخاصة تعقّب الغايات وتتبعها وتنظيمها بإبراز المصالح، لا يكون إلّا بالعلم والحكمة، وإلّا بالإرادة النافذة والاختيار، فلابد أنَّ هذا الانتظام
ورأى صاحبنا السائح في المنزل الثاني:
الحقيقة الخامسة: الانتظام الأكمل ووحدة المواد
أي وحدة الانتظام الأكمل في مجموع الكون وأركانه وأجزائه بل في كل موجود فيه، ووحدة موظفي ومواد الكون الواسع التي هي محور إدارته ومتعلقة بهيئته العامة. وكون الأسماء والأفعال المصرِّفة لتلك المدينة العظيمة والمحشر العجيب محيطةً وشاملة كل شيء، فالاسم هو نفسه والفعل هو نفسه والماهية هي نفسها في كل مكان، رغم تداخل بعضه في البعض الآخر، وكون العناصر والأنواع التي هي الأساس في بناء ذلك القصر الفخم وفي إدارته وفي إضفاء البهجة عليه، محيطةً بسطح الأرض بانتشارها في أكثر بقاعها، مع بقاء العنصر نفسه، والنوع نفسه واحدا، وذا ماهية واحدة في كل مكان رغم تداخل بعضه في البعض الآخر.. كل ذلك يقتضي بداهة، ويدل ضرورة ويُشهد ويُري أن صانع هذا الكون ومدبّرَه، وأن سلطان هذه المملكة ومربيها، وأن صاحب هذا القصر وبانيه، واحدٌ أحد فرد، ليس كمثله شيء، لا وزير له ولامعين، لا شريك له ولا ندّ، منزّهٌ عن العجز، متعالٍ عن القصور.
نعم، إن الانتظام التام إنما هو دليل بذاته على الوحدة؛ إذ يستدعى منظما واحدا، فلا يسعه الشرك الذي هو محور المجادلة والمشاكسة.
فما دام هناك انتظام حكيم ودقيق في الكون كله -كليا كان الشيء أم جزئيا- ابتداءً من دوران الأرض اليومي والسنوي، إلى سيماء الإنسان، وإلى منظومة شعوره، وإلى دوران الكريات الحمر والبيض وجريانهما في الدم، فلا يمكن لشيء أن يمدّ يده ويتدخل قصدا وإيجادا سوى القادر المطلق والحكيم المطلق، بل يبقى كل شيء سواه منفعلا ومتلقيا ومَظهرا للقبول ليس إلّا.
وما دام القيام بالتنظيم ومنحُ النظام وبخاصة تعقّب الغايات وتتبعها وتنظيمها بإبراز المصالح، لا يكون إلّا بالعلم والحكمة، وإلّا بالإرادة النافذة والاختيار، فلابد أنَّ هذا الانتظام
Yükleniyor...