أنواع الأحياء وطوائفها، فقسمٌ منهم صغير جدا يمتطون قطرات الأمطار وبلورات الثلوج، ويباركون الصنعة الإلهية مهللين لرحمتها الواسعة بلسانهم الخاص، وقسم منهم يمتطون ظهور الكواكب السيارة فيسيحون في فضاء الكون معلِنين للعالم أجمعَ عبوديتَهم بالتكبير والتهليل أمام عظمة الربوبية وعزتها وجلالها. (12)

نعم، إن اتفاق كل الكتب السماوية وجميعِ الأديان منذ زمن سيدنا آدم عليه السلام على وجود الملائكة وعلى عبوديتهم، وإن ما روي من الروايات الكثيرة المتواترة من التحدث مع الملائكة والمحاورة معهم خلال جميع العصور، أثبت إثباتا قاطعا وجود الملائكة وعلاقتهم معنا، بدرجةِ ثبوتِ وجود الناس الذين لم نرهم في أمريكا.

والآن انظر بنور الإيمان إلى هذه الثمرة الكلية الثانية وذقها لترى كيف أنها أبهجت الكائناتِ من أولها إلى آخرها وعمّرتها وزيّنتها وحوّلتها إلى مسجدٍ أكبرَ ومعبد أعظمَ، فالكون المظلم البارد الذي ليس فيه حياة -كما تُصوِّره مادية العلم والفلسفة- يصبح بالإيمان كونا ذا حياة وشعور، ومنوَّرا ومؤنسا ولذيذا، فتذيق هذه الثمرةَ أهلَ الإيمان شعاعا من لذة الحياة الباقية وهم لا يزالون في الدنيا كلٌ حسب درجته.

تتمة:

كما أنه بسر الوحدة والأحدية، توجَد القُدرة نفسها والاسمُ نفسهُ والحكمةُ نفسها والإبداع نفسه، في كل جهة من جهات الكون، فيعلن كلُ مصنوع -كليا أم جزئيا- بلسان حاله: وحدانيةَ الخالق سبحانه وتصرفه وإيجاده وربوبيته وخلّاقيته وقدسيته، كذلك فإنه سبحانه يخلق ملائكة في أرجاء الكون كله ليقوموا -بألسنتهم الذاكرة الحامدة- بتسبيحات يؤديها كل مخلوق بلسان حاله بلا شعور منه. فالملائكة لا يعصون الله ما يأمرهم، وليس لهم إلّا العبودية الخالصة، وليس لهم أي إيجاد كان، ولا دخل لهم دون إذن، ولا تكون لهم شفاعة دون إذن منه سبحانه، لذا نالوا شرفَ:

﹛﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾|﹜ (الأنبياء:٢٦)، ﹛﴿ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾|﹜ (التحريم:٦)


Yükleniyor...