وعلى غرار هذا تماما، ففي طريق التوحيد يستند كلُّ شيء وينتسب إلى القدير الجليل، لذا فكما تغلب نملةٌ فرعونا وبعوضةٌ نمرودا وجرثومةٌ جبارا عنيدا وكما تحمل بذيرةٌ صغيرةٌ على كتفها شجرةً ضخمة كالجبل، فضلا عن كونها منشأ ومخزنَ جميع آلات تلك الشجرة وأجهزتها، فإن كل ذرة أيضا يمكن أن تؤدي وظائفَ لا تحد بذلك الاستناد والانتساب كتشكيل الصور والأجسام التي تحمل مئات الألوف من الإتقان والأنواع والأنماط والأشكال. وتصبح الآثار التي تؤديها تلك المأمورات اللطيفات وهذه المجنّدات الصغيرات في منتهى الكمال والإتقان والنفاسة والجودة؛ لأن الذي يصنع تلك الآثار هو القدير ذو الجلال قد وضع في يد تلك الموظفات هذه الآثارَ وجعلهن ستارا لقدرته.
ولكن إذا ما أُسند الأمر إلى الأسباب -كما هو في طريق الشرك- فإن تأثير النملة يصبح تافها ضئيلا كالنملة نفسها وإتقانَ الذرة لا يعدّ شيئا كالذرة نفسها، بمعنى أن كل شيء يسقط معنىً كما يسقط مادةً أيضا بحيث لا تُشترى الدنيا عندئذٍ بشروى نقير.
فما دامت الحقيقة هي هذه، وأن كل شيء في غاية النفاسة والإبداع والقوة والمغزى العميق كما هو مشاهَد، فلا ريب أنه لا طريق غير طريق التوحيد. وإذا ما وجد طريقٌ غيره فيلزم تبديلُ الموجودات وإفراغُ الدنيا في العدم وإملاؤها مجددا بأمور تافهة بدلا منها، ليفتح طريقا أمام الشرك ليسلكه!!
وها قد سمعتَ مجمل برهان واحد يخص التوحيد من مئات البراهين الموضحة في رسائل النور.
المقتضى الثالث للتوحيد
إن الخلق في كل شيء -ولاسيما في الأحياء- هو في منتهى الإبداع وغاية الإتقان. زد على ذلك، فالنوية الصغيرة نموذجُ الثمرة، والثمرة نموذج الشجرة، والشجرة نموذج النوع، والنوع نموذج الكون ومثالُه المصغر، وفهرسه المختصر، وخريطته المجمَلة، وبذرتُه المعنوية، ونقطةٌ جامعة مترشحةٌ من الكون، وقطرةُ خميرةٍ جُمعت منه محلوبةً بدساتير علمية وبموازين حكيمة.
ولكن إذا ما أُسند الأمر إلى الأسباب -كما هو في طريق الشرك- فإن تأثير النملة يصبح تافها ضئيلا كالنملة نفسها وإتقانَ الذرة لا يعدّ شيئا كالذرة نفسها، بمعنى أن كل شيء يسقط معنىً كما يسقط مادةً أيضا بحيث لا تُشترى الدنيا عندئذٍ بشروى نقير.
فما دامت الحقيقة هي هذه، وأن كل شيء في غاية النفاسة والإبداع والقوة والمغزى العميق كما هو مشاهَد، فلا ريب أنه لا طريق غير طريق التوحيد. وإذا ما وجد طريقٌ غيره فيلزم تبديلُ الموجودات وإفراغُ الدنيا في العدم وإملاؤها مجددا بأمور تافهة بدلا منها، ليفتح طريقا أمام الشرك ليسلكه!!
وها قد سمعتَ مجمل برهان واحد يخص التوحيد من مئات البراهين الموضحة في رسائل النور.
المقتضى الثالث للتوحيد
إن الخلق في كل شيء -ولاسيما في الأحياء- هو في منتهى الإبداع وغاية الإتقان. زد على ذلك، فالنوية الصغيرة نموذجُ الثمرة، والثمرة نموذج الشجرة، والشجرة نموذج النوع، والنوع نموذج الكون ومثالُه المصغر، وفهرسه المختصر، وخريطته المجمَلة، وبذرتُه المعنوية، ونقطةٌ جامعة مترشحةٌ من الكون، وقطرةُ خميرةٍ جُمعت منه محلوبةً بدساتير علمية وبموازين حكيمة.
Yükleniyor...