فإن تلك القدرة تسيِّر النجومَ والسيارات بسهولةِ إدارةِ الذرات وتحريكها؛ وذلك بسر نظام الحكمة. وكما أنها تحيي الذبابة في الربيع بسهولة، تسوق جميع طوائف الحشرات والنباتات والحيوانات إلى ميدان الحياة وتحييها بالسهولة نفسها وبالأمر نفسه، وبالحكمة المتضمنة فيها وبسر الميزان. وكما أنها تنبت شجرة في الربيع بسرعة فائقة فتنفخ الحياة في جذورها وجذوعها التي هي كالعظام، فهي تحيي بتلك القدرة المطلقة الحكيمة العادلة وبالأمر نفسه هذه الأرضَ الهائلة التي هي كجنازة ضخمة، مثلما أحيت تلك الشجرةَ في الربيع ببساطة، موجِدةً مئاتِ الآلاف من أنواع الأمثلة والنماذج الدّالة على الحشر والنشور. وكما أنه سبحانه يحيي الأرض بأمر تكويني فإنه بمضمون الآيات الجليلة الآتية:

﹛﴿ اِنْ كَانَتْ اِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَاِذَا هُمْ جَم۪يعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾|﹜ (يس:٥٣).

﹛﴿ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ ﴾|﹜ (النحل:٧٧).

﹛﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾|﹜ (لقمان:٢٨).

يأتي بجميع الإنس والجن وما هو حيواني وروحاني وملائكي، يأتي بهم جميعا بالأمر نفسه بالسهولة نفسها إلى ميدان الحشر الأكبر وأمام الميزان الأعظم، فلا يمنع فعل فعلا قط.

هذا وقد أُجِّلتْ كتابة بقية الأسرار من السر الثالث إلى الثالث عشر خلافَ رغبتي إلى وقت آخر بمشيئة الله.

الحقيقة الرابعة: كلّيّة الموجودات وظهورها معا

إن وجود الموجودات وظهورها معا متداخلةً مشابها بعضُها البعضَ الآخر، وكونَ بعضها مثالا مصغرا للآخر أو نموذجا أكبر له، وكونَ قسم منها كلّا وكليّا وبقيةِ الأقسام أجزاءَه وأفراده، مع التشابه في ختم الفطرة وسكتها، والعلاقة الوثيقة في نقش الصنعة والإتقان، والتعاون فيما بينها، وإكمال كلٍ منها وظيفة الآخر الفطرية.. وأمثال هذه من النقاط العديدة لجهة الوحدة الكثيرة في الموجودات، تعلن التوحيدَ بداهة، وتثبت أن صانعها واحد أحد، وتُظهر -من جهة الربوبية المهيمنة- أن الكائنات قاطبة لا تقبل التجزئة والانقسام. فهي بحكم الكل والكلي.

Yükleniyor...