وهو الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الودُودُ الرَّؤُوفُ البَاقِي، فلا غَمَّ ولا مَأيُوسِيَّةَ ولا أهمية مِنْ زَوالِ المُنْعِمِينَ المُشْفِقِينَ الظَّاهِرِينَ، لِبَقَاءِ مَنْ وسِعَتْ رَحْمَتُهُ وشَفَقَتُهُ كُلَّ شَيءٍ.

وهو الجَمِيلُ اللَّطِيفُ العَطُوفُ البَاقِي، فلا حِرْقَةَ ولا عِبْرَةَ بِزَوالِ اللَّطِيفَاتِ المُشْفِقَاتِ، لِبَقَاءِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهَا، ولا يَقُومُ الكُلُّ مَقَامَ تَجَلٍّ واحِدٍ مِنْ تَجَلِّياتِهِ؛ فَبَقَاؤهُ بِهَذِهِ الأوْصَافِ يَقُومُ مَقَامَ كل مَا فَنِيَ وزَالَ مِنْ أنواع مَحْبُوبَاتِ كل أحد مِنَ الدُّنْيا. ﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ ، نَعَمْ حَسْبِي مِنْ بَقَاءِ الدُّنْيا وما فِيهَا بقاء مَالِكِهَا وصَانِعِهَا وفَاطِرِهَا.

النكتة الثانية

حَسْبِي مِنْ بَقَائِي أنَّ الله هو إلَهِيَ البَاقِي، وخَالِقِيَ البَاقِي، ومُوجِديَ البَاقِي، وفَاطِرِيَ البَاقِي، ومالِكِيَ البَاقِي، وشَاهِدِيَ البَاقِي، ومَعْبُودِيَ البَاقِي وبَاعِثِيَ البَاقِي، فلا بَأْسَ ولا حُزْنَ ولا تَأَسُّفَ ولا تَحَسُّرَ عَلَى زَوالِ وجُودِي لِبَقَاءِ مُوجِدِي، وإيجَادِهِ بِأسْمَائِهِ. وما فِي شَخْصِي مِنْ صِفَةٍ إلّا وهِيَ مِنْ شُعَاعِ اِسْمٍ مِنْ أسمائه البَاقِيَةِ؛ فَزَوالُ تِلْكَ الصِّفَةِ وفَنَاؤهَا لَيْسَ إعْدَاما لَهَا، لأنها مَوْجُودَةٌ فِي دَائِرَةِ العِلْمِ وبَاقِيَةٌ ومَشْهودَةٌ لِخَالِقِهَا.

وكَذَا حَسْبِي مِنَ البَقَاءِ ولَذَّتِهِ عِلْمِي وإذعَانِي وشُعُورِي وإيمَانِي بِأنَّهُ إلَهِيَ البَاقِي المُتَمَثِّلُ شُعَاعُ اسْمِهِ البَاقِي فِي مِرْآةِ مَاهِيَّتِي؛ وما حَقِيقَةُ ماهِيَّتِي إلّا ظِلٌّ لِذلِكَ الاِسْمِ. فَبِسِرِّ تَمَثُّلِهِ فِي مِرْآةِ حَقِيقَتِي صَارَتْ نَفْسُ حَقِيقَتِي مَحْبُوبَةً، لا لِذاتِهَا بل بِسِرِّ ما فِيهَا. وبقاء مَا تَمَثَّلَ فِيهَا أنواع بَقَاءٍ لَهَا.

النكتة الثالثة

﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ إذ هو الواجِبُ الوجودِ الذِي مَا هذِهِ المَوْجُودَاتُ السَّيَّالاتُ إلّا مَظَاهِرُ لِتَجَدُّدِ تَجَلِّياتِ إيجَادِهِ ووجودِهِ؛ بِهِ وبِالانتساب إليه وبِمَعْرِفَتِهِ أنوار الوجودِ بِلا حَدٍّ.وبِدُونِهِ ظُلُمَاتُ العَدَمَاتِ وآلامُ الفِرَاقاتِ الغير المحدوداتِ.

وما هذِهِ المَوْجُودَاتُ السَّيَّالَةُ إلّا وهِيَ مَرَايا وهِيَ مُتَجَدِّدَةٌ بِتَبَدُّلِ التَّعَيُّنَاتِ الاِعْتِبَارِيَّةِ فِي فَنَائِهَا وزَوالِهَا وبَقَائِهَا بِسِتَّةِ وجُوهٍ:

Yükleniyor...