الكمال والجمال- في ماهيتي، وهو المحبوب لذاته -أي دون داعٍ إلى سبب- إلّا أن هذه المحبة الفطرية ضلّت سبيلَها وتاهت بسبب الغفلة، فتشبثت بالظل وعشقتْ بقاء المرآة.

ولكن ما إن جاءت ﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ حتى رفعت الستار، فأحسستُ وشاهدت، وتذوقتُ بحق اليقين: أن لذةَ البقاء وسعادتَه موجودة بنفسها، بل أفضلَ وأكملَ منها، في إيماني وإذعاني وإيقاني ببقاء الباقي ذي الكمال، وبأنه ربي وإلهي؛ لأنه ببقائه سبحانه يتحقق لي حقيقة باقية لا تموت، إذ يتقرر بشعور إيماني «أن ماهيتي تكون ظلا لاسم باقٍ، لاسمٍ سرمدي، فلا تموت».

وكذا تُشبَع بذلك الشعور الإيماني -الباعث على وجود الكمال المطلق وهو المحبوب المطلق- المحبةُ الذاتية، الفطرية الشديدة.

وكذا تُعرف بذلك الشعور الإيماني -الذي يخصّ بقاء الباقي السرمدي ووجوده سبحانه- كمالاتُ الكائنات ومزاياها، ومزايا نوع الإنسان بالذات وتُكشف عنها، ويُعلَم أن الافتتان الفطري بالكمال يُنقذ من آلام غير محدودة، فيتذوق ويتلذذ.

وكذا يتولد بذلك الشعور الإيماني انتساب إلى ذلك الباقي السرمدي، وتتولد وشائجُ مع مُلكه عامة بالإيمان بذلك الانتساب، فينظر المرء -بنور الإيمان- إلى مُلكٍ غير محدود كنظره إلى مُلكه، فيستفيد معنىً.

وكذا يتكون بذلك الشعور الإيماني وبذلك الانتساب والعلاقة ما يشبه الاتصال والارتباط بجميع الموجودات؛ وفي هذه الحالة يتولد وجودٌ غير محدود -غير وجوده الشخصي الذي يأتي بالدرجة الثانية- من جهة ذلك الشعور الإيماني والانتساب والارتباط والعلاقة والاتصال، حتى كأنه وجود كوجوده فيهدأ العشق الفطري تجاه الوجود.

وكذا تتولد بذلك الشعور الإيماني والانتساب والعلاقة والارتباط أخوةٌ مع جميع أهل الكمال والفضل؛ وعندها لا يضيع ولا يُمحى أولئك الذين لا يعدّون ولا يحصون من أهل الكمال والفضل، بفضل معرفة وجود الباقي السرمدي وبقائه، فيورث بقاءَ ما لا يعد من الأحبّة -الذين يرتبط بهم بحب وتقدير وإعجاب- ودوامَ كمالهم صاحبَ ذلك الشعور الإيماني ذوقا رفيعا ساميا.


Yükleniyor...