«الخطوات الست» (5) فذهبتُ إليها. فعرض عليّ -مصطفى كمال- تعييني في وظيفة الواعظ العام في الولايات الشرقية براتب قدره ثلاثمائة ليرة في محل الشيخ السنوسي(∗) وذلك لعدم معرفة الشيخ اللغة الكردية. وكذلك تعييني نائبا في مجلس المبعوثان (المجلس النيابي) وفي رئاسة الشؤون الدينية مع عضوية في «دار الحكمة الإسلامية». وكان يريد بذلك إرضائي وتعويضي عن وظيفتي السابقة. وكان السلطان «رشاد» قد خصص تسعة آلاف ليرة ذهبية لإنشاء مدرسة الزهراء - التي كنتُ قد وضعت أسسها - ودارِ الفنون في مدينة «وان» فقرر مجلس المبعوثان زيادة هذا المبلغ إلى مائة وخمسين ألف ليرة ورقية حيث وقّع ثلاث وستون ومائة نائبا من بين أعضاء المجلس البالغ عددهم مائتي نائب بالموافقة على ذلك.

ولكني عندما لاحظت أن قسما مما جاء من الأخبار في المتن الأصلي لرسالة «الشعاع الخامس» ينطبق على شخص شاهدته هناك، فقد اضطررت إلى ترك تلك الوظائف المهمة، إذ اقتنعت بأن من المستحيل التفاهم مع هذا الشخص أو التعامل معه أو الوقوف أمامه، فنبذت أمور الدنيا وأمور السياسة والحياة الاجتماعية، وحصرت وقتي في سبيل إنقاذ الإيمان فقط. ولكن بعض الموظفين الطاغين والبعيدين عن الإنصاف استكتبوني رسالتين أو ثلاثا من الرسائل المتوجهة إلى الدنيا ثم قمت -نزولا عند رغبة بعض الذوات- بجمعِ وتنظيمِ أصولِ تلك الرسائل القديمة بمناسبة الأسئلة المتعلقة بالأحاديث النبوية المتشابهة حول علامات يوم القيامة، حيث أخذتْ هذه الرسالة اسم «الشعاع الخامس» من رسائل النور. وإن أرقام رسائل النور ليست مطّردة مع ترتيبِ أو تسلسل تأليفها، ف«المكتوب الثالث والثلاثون» مثلا أُلّف قبل «المكتوب الأول»، كما أن أصل «الشعاع الخامس» هذا مع بعض أجزاء رسائل النور تم تأليفُها قبل رسائل النور. على أية حال فإن تعصب المدعي العام لمصطفى كمال وصداقته له -وهو يشغل مثل هذا المقام- أدّى إلى أسئلة واعتراضات غير قانونية وغير ضرورية وخاطئة مما ساقني إلى تقديم هذه الإيضاحات الخارجة عن الصدد، وأنا أبين هنا أحد أقواله كمثال على كلامه المشوب بالمزاج الشخصي الخارج عن القانون.

قال: ألم تندم من قلبك على ما أوردتَه في «الشعاع الخامس»؟ ذلك لأنك قمت بإهانته وتحقيره عندما قلت عنه: إنه أصبح مثل قربة الماء من كثرة شربه الخمرَ والشراب؟


Yükleniyor...