إخواني الأوفياء الصادقين!

إن لقاء الأصدقاء ومجالسة الإخوان منبعٌ ثرٌ للسلوان لما يعاني منه الإنسان من سرعة تبدل هذه الحياة الدنيا، ومن زوالها وفسادها، ومن فنائها وفناء متعها التي لا تجدي شيئا، ومن صفعات الفراق والافتراق التي تنزلها بالإنسان..

نعم، قد يقطع إنسان مسافة عشرين يوما ويصرف مائة ليرة لأجل لقاء أخيه لساعات معدودة. ففي هذا الزمان العجيب الذي قلما يوجد فيه صديق صدوق، لا تعد هذه المشقات والمصاعب التي نزلت بنا مع ضياع الأموال ذات أهمية تذكر إزاء رؤية أربعين أو خمسين من الأصدقاء الصادقين والإخوة المخلصين دفعة واحدة طوال شهرين من الزمان، ومجالستهم ومحاورتهم في سبيل الله، والتسلي بهم وتسليتهم تسلية حقيقية. فأنا شخصيا كنت أرضى بهذه المصاعب والمشقات رجاء رؤية واحد من إخوتي هنا فحسب بعد فراقي عنهم عشر سنوات.

اعلموا أن الشكوى اعتراض على القدر والشكر تسليم له.

ثقوا يا إخواني؛ أنه لو حضر الأجلُ الآن، وتوفيتُ، لاستقبلته براحة قلب وانشراح صدر، لأنني على قناعة تامة من أن فيكم «سعيدِين» كثيرين شبانا أقوياء ثابتين سيتولون القيام بمهمة رسائل النور والدفاع عنها وحمايتها ووراثتها، أفضل بكثير من هذا «السعيد» الضعيف العجوز العاجز المريض.

إخواني الأوفياء الصادقين الأعزاء!

لِمَا أنكم قد ارتبطتم برسائل النور رغبة بثواب الآخرة، وأداءً لنوع من العبادة، فلا شك أن كل ساعة من ساعاتكم -تحت هذه الشروط والأحوال الصعبة- تصبح في حكم عبادة عشرين ساعة، والعشرين ساعة من العمل في خدمة القرآن والإيمان -لما فيها من جهاد معنوي- تكسب أهمية مائة ساعة، والمائة ساعة التي تمضي في لقاء مجاهدين حقيقيين من إخوة طيبين -كل منهم يعادل في الأهمية مائة شخص- وعقد أواصر الأخوة معهم، وإمدادهم


Yükleniyor...