وهو الكائن الحي العاجز الفقير بلا حدود، مع أن له أعداء ومؤذيات بلا عدٍّ ومقاصد وآلاما بلا حدٍّ.. وهو أغنى استعدادا من بين ذوي الحياة..

وهو أشد احساسا وشعورا بالألم -ضمن لذة الحياة- حيث تمتزج لذاته بآلام منغّصة..

وهو أشد شوقا إلى البقاء وأكثر حاجة إلى الخلود، بل هو الأجدر به..

وهو الذي يتوسل لأجل البقاء والخلود بأدعية غير محدودة فلو أُعطي له ما في الدنيا من متع لما شفت غليله للخلود..

وهو الذي يحب الذي أنعم عليه حبا لحد العبادة، ويحببه للآخرين، وهو المحبوب أيضا..

وهو أعظم معجزات القدرة الصمدانية بل هو أعجوبة الخلق لما انطوى فيه العالم الأكبر ولما تشهد جميع أجهزته بأنه مخلوق للسير قدما نحو الأبدية والخلود.

فهذا الإنسان الذي يرتبط بمثل هذه الحقائق العشرين الكلية باسم الله «الحق» والذي هو وثيق العلاقة باسم الله «الحفيظ» الذي لا يعزب عنه شيء في السماوات والأرض، يرى أدنى حاجة لأصغرِ حيّ ويسمع نداء حاجته فيغيثه فيدوّن كتبتُه الكرام جميعَ أعمال هذا الإنسان وأفعاله المتعلقة بالكائنات.. فهذا الإنسان -بحكم هذه الحقائق العشرين- لابد أن يكون له حشر ونشور، ولا ريب أنه سيكافأ -باسم الله «الحق»- على ما قَدَّم من خدمات وأعمال، وسيجازى على ما قصّر فيها، ولا شبهة أنه سيساق إلى المحاسبة والاستجواب عما دوّن من أعماله -باسم «الحفيظ»- جزئيها وكليها، ولا شك أن ستفتح أمامه أبواب سعادة خالدة وضيافة أبدية، أو أبواب سجون رهيبة وشقاء مقيم؛ وأنه لا يمكن أن لا يحاسب ويتوارى عن الأنظار ضابط قاد أكثر مخلوقات هذا العالم وتدخّل في شؤونها، ولا يمكن أن لا ينبه من رقدته!

لأنه لا يُعقل قط أن يُسمع دعاءٌ أخفت من طنين الذباب ويُغاث فعلا بلوازم الحياة، ثم لا يُسمعَ أدعيةٌ لها من القوة ما يهز العرش والفرش والتي تنطلق من تلك الحقائق العشرين وتسأل البقاء والخلود. ولا يعقل قط -بل هو خارج عن الإمكان- أن تُهدر وتُضيَّع كليا

Yükleniyor...