أما الدليل على أن هذه القافلة الميمونة هم أولياءُ رب العالمين المرضيين عنده، وأن معارضيهم هم أعداؤه المبغوضون من مخلوقاته هو: الإمداد الغيبي لذلك الركب الكريم دوما منذ زمن آدم عليه السلام، ونزولُ المصائب والويلات السماوية بمخالفيهم.

نعم، إن جميع المعارضين من أمثال قوم نوح وثمود وعاد وفرعون ونمرود قد تلقَوا صفعات غيبية تُشعر بالغضب الإلهي وعذابه؛ بينما نال الركبُ العظيم من أمثال نوح وإبراهيم وموسى عليهم السلام ومحمد ﷺ وأمثالهم من الأنبياء الكرام والأئمة السامين، المعجزاتِ العظيمة والآلاءَ الربانية بصورة خارقة.

ولما كانت صفعةٌ واحدة تدل على الغضب، والإكرامُ الواحد يدل على المحبة. فقد نزلت أُلوف الصفعات على المعارضين وأُلوف الإكرامات والإمدادات على أولئك الأبرار الميامين. مما يشهد بداهة وبوضوح النهار على أحقيةِ وصواب تلك القافلة المباركة وأنهم على هدى وعلى صراط مستقيم.

وأن ما جاء في ختام سورة الفاتحة ﹛﴿ صِرَاطَ الَّذ۪ينَ اَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾|﹜ متوجه إلى أولئك الأبرار الذين أنعم الله عليهم. بينما «المغضوب عليهم والضالون» تبين معارضيهم. وهذه النكتة التي بيناها وُضِّحتْ بجلاء في ختام سورة الفاتحة.

الجهة الثالثة: إن سر الحكمة الكامن في السؤال الملحّ المكرَّر لشيء يُمنَح قطعا هو: أن الشيء المراد، كالمقام المحمود إنما هو طرفٌ وغصنٌ من حقيقة عظمى تضم ألوف الحقائق الجليلة كحقيقة المقام المحمود. وهو ثمرةٌ لأعظم نتيجة لخلق الكون.

أما طلبُ تلك الثمرة وذلك الغصن والطرف، فهو طلبُ تحقيق تلك الحقيقة العامة الشاملة العظمى وحصولها، وطلبُ مجيء العالم الباقي الذي هو أعظمُ غصن من شجرة الخلق، وطلب تحققه، وطلب تحقق القيامة والحشر الذي هو أعظم نتيجة للكون وطلب انفتاح دار السعادة.

فيتذكر المرء أنه أيضا -بهذا الطلب والسؤال- يشترك في العبودية البشرية والأدعية الإنسانية التي هي أهم سبب لوجود دار السعادة والجنة الخالدة. ومن هنا نجد أن هذه الأدعية غير المحدودة قليلة أيضا بالنسبة لهذا المقصد العظيم غير المحدود.

Yükleniyor...