ومضمون الجملة العربية الأخيرة وفحواها المختصر هو: أن أهل الضلالة لجهلهم بالحقائق الثابتة الراسخة للمراتب المذكورة، ولظهور الموجودات إلى الوجود في منتهى السرعة والسهولة، فقد التبس عليهم تشكيلها وإيجادها بقدرةِ صانع قدير مطلق القدرة، مع تشكّلها ووجودها بنفسها، فاتحين لأنفسهم أبواب خرافات ومحالات غير محدودة تمجّها الأوهام والأذهان. إذ في تلك الحالة- مثلا- يلزم إعطاء كل ذرة من ذرات كائن حي قدرة قادرة على صنع كل شيء وعلما وبصرا يبصر كل شيء. أي إنهم بعدم قبولهم لإلهٍ واحدٍ أحدٍ اضطروا إلى قبول آلهة بعدد الذرات حسب مذهبهم، مستحِقين الدخول إلى أسفل سافلي جهنم.

أما أهل الهداية فقد منحت الحقائقُ القوية للمراتب السابقة والحججُ الرصينة إلى قلوبهم السليمة وعقولهم الصائبة قناعةً تامة قاطعة وإيمانا قويا وتصديقا بعين اليقين، حتى اعتقدوا بلا ريب ولا شبهة وبكل اطمئنانِ قلبٍ أنه لا فرق بين النجوم والذرات وأصغرِ شيء وأكبره إزاء القدرة الإلهية، حيث نشاهد أمامنا هذه المخلوقات العجيبة. فكل صنعة عجيبة منها تصدّق دعوى الآية الكريمة ﹛﴿ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ اِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾|﹜ . وتشهد أن حكمَها هو عين الحق ومحض الحقيقة. وتقول بلسان الحال: الله أكبر، ونحن بدورنا نقول: الله أكبر بعدد المخلوقات مصدقين حكمَ هذه الآية الكريمة بكل قوتنا وقناعتنا ونشهد أن حكمها هو عين الحق والحقيقة نفسها بحجج لا منتهى لها.

﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ ﴾

اللّهمّ صلّ وسلم على من أرسلته رحمةً للعالمين


والحمد لله ربّ العالمين .



Yükleniyor...