حُسن خلق الإنسان في أحسن تقويم على علم خالق الإنسان وحكمته جل وعلا كنسبة لُمَيعة اليراعة في الليلة الدهماء إلى شعشعة الشمس في رابعة النهار.

والآن قبل الخوض في بيان دلائل العلم الإلهي، فإن دلالة تجليات تلك الصفة المقدسة في أنواع الكائنات على الذات المقدسة دلالة واضحة جدا قد شهد عليها وتضمنها الحوارُ الذي دار ليلة المعراج النبوي، لدى حظوته ﷺ بالحضور والخطاب الإلهي لَمَّا قال:

«التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله» باسم جميع ذوي الحياة وأنواع المخلوقات، حيث هو مبعوث ورسول، فقدّم إلى خالقه الجليل هدايا جميعِ ذوي الحياة، في طرازِ معرفةِ جميع تلك المخلوقات ربَّها بتجليات العلم، قال ذلك في موضع السلام وبدلا عن جميع ذوي الشعور.

أي إن الطوائف الأربع لجميع ذوي الحياة تقدّم بالكلمات الأربع: «التحيات المباركات الصلوات الطيبات» وبتجليات العلم الأزلي الأبدي، تحياتِها وتهانيَها وعبوديتَها ومعرفتها الجميلة الطيبة إزاء علام الغيوب، لذا غدت قراءةُ هذه المحاورة المعراجية المقدسة بمعناها الواسع فرضا على جميع المسلمين في التشهد.

نبين معنى من معاني تلك المحاورة السامية بأربع إشارات مختصرة جدا مُحِيلين إيضاحها إلى رسائل النور.

الكلمة الأولى: هي «التحيات لله»

ومعناها باختصار هو:

إذا ما صنع صَنَّاع ماهر ماكنةً خارقة، بما يملك من علم واسع وذكاء خارق، فإن كل مَن يشاهد تلك الماكنة العجيبة يهنئ ذلك الصَنَّاعَ تهنئةَ تقديرٍ وإعجاب. ويقدم له هدايا وتحيات مادية ومعنوية مع ثناء مفعم بالاستحسان. والماكنةُ بدورها تهنئ وتبارك صناعَها بلسان الحال وتقدم هدايا وتحيات معنوية له، وذلك بإظهار رغباتِ ذلك الصَّنَّاع كاملة، وعرضِ خوارقِ صنعته الدقيقة وإبرازِ حذاقته العلمية.

كذلك فإن جميع طوائف ذوي الحياة في الكائنات كلها، بل كل طائفة منها، وكل فرد

Yükleniyor...