وكذا كثرة من المخبرين، بل حتى الذبائح التي تذبح للأصنام، والأصنام نفسها وشواهد القبور كل أولئك قد أخبروا عن نبوته ﷺ. فيشهدون شهادة صدق على رسالته وأحقيته بلسان التاريخ.

الشهادة الرابعة عشرة: هي شهادة الكون القويةُ، تشير إليها هذه الفقرة العربية:

[وبشهادة الكائنات بغاياتها وبالمقاصد الإلهية فيها على الرسالة المحمدية الجامعة؛ بسبب توقفِ حصولِ غاياتِ الكائناتِ والمقاصد الإلهية منها وتَقَرُّر قيمتها ووظائِفها وتَبَارُزِ حسنِها وكمالها وتحققِ حكمِ حقائقها على الرسالة الإنسانية لاسيما على الرسالة المحمدية؛ إذ هي المظهرة والمدار الأتم لها، ولولاها لصارت هذه الكائنات المكملة والكتاب الكبير ذو المعاني السرمدية هباءً منثورا متطايرةَ المعاني متساقطةَ الكمالات وهو محال من وجوه وجهات] .

لقد ذكرتْ رسالةُ «الآية الكبرى» فيما يخص هذه الفقرة العربية الآتيَ:

هذا الكون كما أنه يدل على صانعه وكاتبه ومصوِّره الذي أوجده والذي يديره وينظمه ويتصرف فيه بالتصوير والتقدير والتدبير كأنه قصر باذخ أو كأنه كتاب كبير أو كأنه معرض بديع أو كأنه مشهر عظيم، فهو كذلك يستدعي لا محالة وجودَ مَن يعبّر عما في هذا الكتاب الكبير من معانٍ، ويعلَم ويعلّم المقاصد الإلهية من وراء خلق الكون، ويعلّم الحكم الربانية في تحولاته وتبدلاته، ويدرّس نتائج حركاته الوظيفية، ويعلن قيمة ماهيته وكمالات ما فيه من الموجودات.. ويجيب عن الأسئلة الرهيبة المحيرة، من أين تأتى هذه الموجودات وإلى أين المصير ولِمَ لا تلبث هنا بل تمضى وترحل مسرعة؟ ويُوضِّح معانيَ ذلك الكتاب الكبير ويفسِّر حكمةَ آياته التكوينية. أي يقتضي داعيا عظيما، ومناديا صادقا، وأستاذا محققا، ومعلما بارعا. فالكون من حيث هذا الاقتضاء يدل ويشهد شهادة قوية وكلية على صدق النبي الكريم ﷺ وصوابه الذي هو أفضل مَن أتم هذه الوظائفَ والمهمات. وعلى كونه أفضل وأصدق مبعوث لرب العالمين. فيشهد الكون قائلا: أشهد أن محمدا رسول الله .

نعم، إن ماهية الكون وقيمتَه ومزاياه تتحقق بالنور الذي أتى به محمد ﷺ وبه تُعلم وظائفُ ما فيه من موجودات ونتائجُها ومهماتها وقيمتها، وبه يكون الكون بأسره عبارة عن مكاتيبَ إلهيةٍ بليغة وقرآنٍ رباني مجسّم ومعرضِ آثارٍ سبحانية مهيب. إذ لولا نوره ﷺ لاتخذ


Yükleniyor...