رفع الإنسان إلى مراتب الملائكة بل أرفع منها؛ وكسبوا وأكسبوا أهل الإيمان جنة معنوية حتى في الدنيا؛ مع سعادة خالدة في الآخرة.. كل ذلك بسر حقائق الإيمان.

والتيار الثاني: هم الذين ضلوا عن سواء السبيل جاعلين بالإفراط والتفريط؛ العقلَ وسيلةَ عذاب وأداةَ لمّ الآلام؛ فأردَوا البشرية في دركات سحيقة أضلَّ من الأنعام، فاستحقوا الغضب الإلهي فنزلت بهم صفعاتُ المصائب جراء ظلمهم الذي ارتكبوه في الدنيا. زد على ذلك أنهم جَعَلوا بالضلالة التي هم فيها وبالعقل المرتبط مع الموجودات؛ الكونَ موضعَ أحزان وآلام ومأتما عاما، ومذبحة لذوى الحياة؛ يتقلبون في دوامات الزوال والفراق، ومَسْلَخة قذرة ضربت الفوضى أطنابها في الآفاق. لذا انحصرت روحُ الضال ووجدانُه بجهنم معنوية في الدنيا، وأصبح أهلا لعقاب أليم في الآخرة.

وهكذا فإن الآية الكريمة التي في ختام سورة الفاتحة: ﹛﴿ الَّذ۪ينَ اَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّٓالّ۪ينَ ﴾|﹜ تبين هذين التيارين العظيمين.

فمنبع جميع الموازنات المذكورة في رسائل النور وأساسها ومرشدها هي هذه الآية الكريمة. وحيث إن رسائل النور قد فَسرت هذه الآية الكريمة بمئات من موازناتها. نحيل إيضاحها إلى تلك الرسائل مكتفين بهذه الإشارة.

الكلمة التاسعة: وهي، آمين. وإشارة قصيرة جدا إليها هي:

لما كانت» ن «التي في ﹛﴿ نَعْبُدُ ﴾|﹜ و ﹛﴿ نَسْتَعِينُ ﴾|﹜ تبين لنا الجماعاتِ العظيمةَ الثلاث؛ ولاسيما جماعة الموحدين في جامع العالم الإسلامي وبخاصة ملايين المصلين الذين يؤدون الصلاة في ذلك الوقت؛ وتجعلنا ضمن صفوفهم؛ فاتحةً أمامنا طريقا سويا لنكسب حظا من أدعيتهم، ولنغنم تصديقهم لنا لنطقهم بمثل ما ننطق به نحن، ولنحظى بنوع من شفاعتهم؛ فنحن كذلك بقولنا: «آمين» نعزز أدعية أولئك الموحّدين المصلين؛ ونصدّق دعواهم؛ ونرجو بكلمة «آمين» أن يستجيب الله سبحانه وتعالى لاستعانتهم وشفاعتهم، محوِّلين عبوديتنا الجزئية ودعاءنا الجزئي ودعوانا الجزئية إلى عبودية كلية ودعاء كلي ودعوى كلية إزاء ربوبية كلية شاملة.

Yükleniyor...