الكلمة الأولى: وهي ﹛﴿ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ ﴾|﹜

إن إشارة في منتهى الاختصار إلى حجتها الإيمانية هي:

أن مبعث الحمد والشكر في الكون؛ هو الآلاء والنِعَم التي تُغدَق قصدا ولاسيما إرسال اللبن الخالص السائغ للشاربين من بين فرث ودم للصغار والأطفال العاجزين، والإحسانات والهدايا الاختيارية، والإكرامات والضيافات الرحيمة التي غطت سطح الأرض برمّته، بل غمرت الكونَ كله، وأن ما يقدّم لها من أثمان وقدْر لقيمتها هي قول: «بسم الله» بدءاً ثم «الحمد لله» ختاما؛ وبينهما الإحساس بالإنعام من خلال النعمة نفسها، ثم البلوغ منه إلى معرفة الرب الجليل. فانظر إلى نفسك بالذات وإلى معدتك وإلى حواسك؛ كم هي محتاجة إلى أمور كثيرة ونِعم وفيرة! وكم تطلب الأرزاق واللذائذ والأذواق بأثمان الحمد والشكر! أَبْصِر هذا وقِس على نفسك كل ذي حياة.

وهكذا فإن الحمد غير المتناهي المنطلق بألسنة الأحوال والأقوال؛ إزاء هذه الآلاء الشاملة؛ يبين كالشمس الساطعة ربوبيةً عامة وموجوديةَ معبودٍ محمودٍ ومُنعمٍ رحيم.

الكلمة الثانية: وهي ﹛﴿ رَبِّ الْعَالَم۪ينَ ﴾|﹜

إن إشارة مختصرة جدا إلى ما فيها من حجة هي: أننا نشاهد بأبصارنا أن في هذا الكون ألوفَ العوالم والأكوان الصغيرة، بل ملايين منها، وأغلبها متداخل بعضها في البعض؛ وبرغم أن إدارة كل منها وشرائطَ تدبير شؤونها متباينة، فإنها تُدار في منتهى التربية والتدبير والإدارة. فالكون كله صحيفة مبسوطة أمام نظره جل وعلا في كل آن، وجميع العوالم تُكتب كسطر بقلم قدرته وقَدَره، وتُجدَّد وتُغيَّر.فتنبعث شهاداتٌ كلية وجزئية وبعدد الذرات والموجودات الحاصلة من تركّبها، وفي كل لحظة وآن، على وجوب وجود ربّ العالمين ووحدانيته، الذي يدير هذه الملايين من العوالم والكائنات السيالة بربوبية مطلقة ذات علم وحكمة لانهاية لهما وذات عناية ورحمة وسعتا كلَ شيء.

إن من لا يصدّق بربوبية جليلة تربّي وتدبّر الأمور؛ ابتداءً من مزرعة الذرات إلى المنظومة الشمسية وإلى دائرة درب التبانة؛ ومن حجيرة في الجسم إلى مخزن الأرض وإلى الكون


Yükleniyor...