ثم إنه لم يسجِّل رجال أمن الحكومة في ست ولايات أيةَ حادثة تخل بالأمن لطلبة النور، مع أنهم يعدّون بمئات الآلاف، سوى حادثة صغيرة تتعلق بقيام أحد الطلبة الصغار بدفاع شرعي. ولم يَسمع أحد أن طالبا من طلاب النور دخل السجن بسبب جرم أو جناية، وما دخل السجن إلّا وأصلح المسجونين. ومع أن مئات الآلاف من نُسخ رسائل النور منتشرة في أرجاء البلد فلم يشاهِد أحد ضررا لها، بل لم يجدوا منها سوى النفع طوال ثلاث وعشرين سنة. وأصدرت ثلاثُ محاكم لثلاث حكومات أحكامها بالبراءة، كما أن مئات الآلاف من الطلبة يشهدون ويصدقون بأقوالهم وبأفعالهم على قيمة رسائل النور.

ثم هل يجوز أن يُتهم شخصٌ منزوٍ ومنعزل وكبير السن وفقير ويرى نفسه على حافة القبر وتَرَكَ بكل قوته وقناعته الأشياءَ الفانية. فلا يهتم بأية رتبة دنيوية بل هو في شغل شاغل بما يكفّر عن تقصيراته السابقة وبأمور تنفع حياته الخالدة، وهو لشدة شفقته ولرغبته في تجنيب الأبرياء والشيوخ أيةَ أضرار تلحق بهم فإنه يتجنب الدعاء على ظالمِيه ومعذبيه.. هل يجوز أن يُتهَم مثل هذا الشخص ويقالَ بحقه: إن هذا الشيخ المنزوي يحاول الإخلال بالأمن ويفسد الاستقرار، وغايته هي المؤامرات الدنيوية وهي القصد من اتصالاته ومكاتيبه، لذا فهو مذنب؟. إن من يقول هذا بحقه ويحكمون عليه في ظلِّ ظروف قاسية لا شك أنهم مذنبون، ومذنبون جدا، وسيدفعون ثمن هذا في المحكمة الكبرى يوم الحشر.

مثل هذا الرجل الذي هدّأ ثماني كتائب عسكرية وأجبرها على الانقياد للنظام بخطبة واحدة واستطاع قبل أربعين سنة بمقالة واحدة أن يجعل الآلاف من الناس ينحازون إليه ويكونون أنصاره، ولم يُحنِ رأسه أمام ثلاثة قواد جبارين -المذكورين سابقا- ولم يخش منهم ولم يتملق لهم وقال أمام المحاكم: «ألا فلتعلموا جيدا بأنه لو كان لي من الرؤوس بعدد ما في رأسي من شعر وفصل كل يوم واحد منها عن جسدي فلن أحني هذا الرأس الذي نذرته للحقائق القرآنية أمام الزندقة والكفر المطلق، فلن أخون الوطن والأمة والإسلام». فهل يجوز بعد هذا أن يقال لمثل هذا الشخص الذي لم يكن له علاقة مع أحد في مدينة «أميرداغ» إلا مع بضعة من أصدقاء الآخرة إضافة إلى ثلاث من الذين كانوا يقومون بشؤون خدمته...


Yükleniyor...