فذلك الجمال المطلق منزّه ومتعال ومقدّس عن هذا القبح المطلق بمائة ألف مرة.

حاشية طويلة

سؤال يرد بمناسبة مبحث الحشر

إن ما ورد في القرآن الكريم مرارا ﹛﴿ اِنْ كَانَتْ اِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾|﹜ (يس:٢٩)، ﹛﴿ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ اِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ ﴾|﹜ (النحل:٧٧) يبين لنا أن الحشر الأعظم سيظهر فجأة إلى الوجود، في آن واحد بلا زمان. ولكن العقول الضيقة تطلب أمثلة واقعية مشهودة كي تقبل وتذعن لهذا الحدث الخارق جدا والمسألة التي لا مثيل لها.

الجواب: إن في الحشر ثلاث مسائل هي: عودةُ الأرواح إلى الأجساد، وإحياءُ الأجساد، وإنشاء الأجساد وبناؤها.

المسألة الأولى: وهي مجيء الأرواح وعودتُها إلى أجسادها ومثالُه هو: اجتماع الجنود المنتشرين في فترة الاستراحة والمتفرقين في شتى الجهات على الصوت المدوي للبوق العسكري. نعم، إن الصور الذي هو بوق إسرافيل عليه السلام، ليس قاصرا عن البوق العسكري، كما أن طاعةَ الأرواح التي هي في جهة الأبد وعالم الذرات والتي أجابت ب ﹛﴿ قَالُوا بَلٰى ﴾|﹜ (الأعراف:١٧٢) عندما سمعت نداء ﹛﴿ اَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾|﹜ (الأعراف:١٧٢) المُقبل من أعماق الأزل، ونظامَها يفوق بلا شك أضعاف أضعاف ما عند أفراد الجيش المنظم. وقد أثبتت «الكلمة الثلاثون» ببراهين دامغة أن الأرواحَ ليست وحدها جيشا سبحانيا بل جميعُ الذرات أيضا جنوده المتأهبون للنفير العام.

المسألة الثانية: وهي إحياء الأجساد. ومثالُه هو: مثلما يمكن إنارةُ مئات الآلاف من المصابيح الكهربائية ليلة مهرجان مدينة عظيمة، من مركز واحد في لحظة واحدة، كأنها بلا زمان. كذلك يمكن إنارةُ مئات الملايين من مصابيح الأحياء وبعثُها على سطح الأرض من مركز واحد. فما دامت الكهرباء وهي مخلوقة من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وخادمةُ إضاءة في دار ضيافته، لها هذه الخصائص والقدرة على القيام بأعمالها حسب ما تتلقاه من تعليمات وتبليغات ونظام من خالقها، فلابد أن الحشر الأعظم سيحدث كلمح البصر ضمن القوانين المنظمة الإلهية التي يمثلها آلاف الخدم المنوّرِين كالكهرباء.

Yükleniyor...