وأغرب من جميع ما ذكر هو أن الطائرة والقطار والراديو التي تعتبر من نعم الله العظيمة وينبغي أن تقابَل بالشكر لله، لم تقابِلها البشرية بالشكر فنزلت على رؤوسهم قنابل الطائرات.

والراديو نعمة إلهية عظيمة بحيث ينبغي أن يكون الشكر المقدم لأجله في استخدامه جهازا حافظا للقرآن الكريم يُسمِع البشرية جمعاء. ولقد قلنا في «الكلمة العشرين»: إن القرآن الكريم يخبر عن خوارق المدنية الحاضرة، وبيّنّا فيها عند حديثنا عن إشارة من إشاراتِ آيةٍ كريمة، بأن الكفار سيَغلِبون العالم الإسلامي بوساطة القطار. ففي الوقت الذي أحثُّ المسلمين إلى مثل هذه البدائع الحضارية فقد جعلها بعض المدعين العامين لمحاكمَ سابقة مدارَ اتهام لنا وكأنني أعارض هذه الاختراعات.

ثم إن أحدهم قال: إن رسالة النور نابعة من نور القرآن الكريم، أي إلهام منه، وهي وارثة، تؤدي وظيفةَ الرسالة والشريعة. فأَورد المدعى العام معنى خطأ فاضحا ببيانه ما لا علاقة له أصلا وكأن «رسالة النور رسول» وجعلوا ذلك مادةَ اتهام لي.

ولقد أثبتنا في عشرين موضعا في الدفاع وبحجج قاطعة أننا لا نجعل الدين والقرآن ورسائل النور أداة ووسيلة لكسب العالم أجمع، ولا ينبغي أن تكون وسائل قطعا. ولا نستبدل بحقيقة منها سلطنةَ الدنيا كلها. ونحن في الواقع هكذا. وهناك ألوف من الأمارات على هذه الدعوى.

ولكن يبدو من سير الادعاء لمحكمة «أفيون» وفى قرارها المبني على تحقيقات أخرى: أننا نبتغي الدنيا ولا نسعى إلّا لحبك المؤامرات وكسب حطام الدنيا ونجعل الدين أداة لمواد خسيسة تافهة ونعمل على الحط من قيمته.. فيتهموننا على هذا الأساس.

فما دام الأمر هكذا فنحن نقول بكل ما نملك: ﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ .

§سعيد النورسي>

Yükleniyor...