الأول

مادامت حكومة الجمهورية لا تتعرض لأهل الإلحاد ولأهل السفاهة وذلك تحت شعار حرية الوجدان السارية في الجمهورية، لذا فإن عليها -من باب أَولى- أن لا تتعرض لأهل الدين ولأهل التقوى.. ومادامت أيةُ أمة لا تستطيع العيشَ دون دين، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن أممَ قارة آسيا لا تشبه أمم أوروبا من ناحية الدين، وأن الإسلام لا يشبه النصرانية من زاوية الحياة الشخصية والحياة الأخروية. فالمسلم الملحد لا يشبه الملاحدة الآخرين. لذا أصبح هذا الدين حاجةً فطرية في أعماق هذه الأمة التي نَوّرتْ أرجاء الدنيا منذ ألف عام بدينها وبدفاعها البطولي عن تمسكها بهذا الدين تجاه جميع غارات العالم وهجومه عليه. وليس هناك أي تقدم وأية مدنية تستطيع الحلول محلَّ تعلّم الصلاح والدين وحقائق الإيمان في نفس هذه الأمة.. لا تستطيع أن تحل محله ولا أن تنسيها إياه: إذن فإن على أية حكومة تحكم أمة هذا الوطن وتأخذ العدالة والأمن بنظر الاعتبار أن لا تتعرض لرسائل النور، ويجب أن لا يسوقها أحد إلى ذلك.

الأساس الثاني

هناك فرق كبير بين أن ترفض وتردَّ شيئا ما وبين أن لا تعمل بذلك الشيء؛ ففي كل حكومة هناك جماعةٌ معارضة لها بشدة، فقد يكون هناك جماعة مسلمون تحت حكم مجوسي، وقد يكون هناك يهود أو نصارى تحت حكم إسلامي كما في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومع ذلك تصان الحرية الشخصية لمن لا يخلّ بالأمن ولا يتعرض لإدارة الحكومة، فالحكومات يهمها الظاهر ولا تنقّب ما في داخل القلوب. علما بأن أي شخص يروم التعرض للأمن وللسياسة ولإدارة الدولة لابد أن يطالع الجرائد ويتتبع ما يجري في الدنيا من أحداث لكي يحيط علما بالتيارات وبالأوضاع المساعدة لها، لكي لا يخطأ في تصرفه ولا تزلّ قدمُه. أما رسائل النور فقد منعت طلابَها عن هذا منعا باتا، حتى إن أصدقائي المقربين يعلمون بأنني ومنذ خمس وعشرين سنة تركت الجرائد ولم أسأل ولم أستفسر عن أية جريدة ولم يكن لدي فضول أو رغبة فيها فضلا عن قراءتها. وأما الآن فلا أعرف (ومنذ عشر سنوات) أي

Yükleniyor...