وبما أن رسائل النور قد وضَّحت حكمة ذلك بحجج قاطعة، فسنشير هنا إلى الجواب عن ذلك السؤال في غاية الإيجاز:

نعم، يتولى أحيانا مائةٌ من الأشخاص المحافَظةَ على قصر، عندما يحاول أحدُ الشريرِين أو أي شخص مخرِّب إلقاءَ النار فيه خفية لتدميره. بل قد يُلجأ إلى السلطان أو الدولة للحفاظ على القصر، ذلك لأن بقاء بناء القصر يتوقف على جميع الشروط والأركان والأسباب الداعية إلى البقاء. أما تخريبه وهدمه فيكون بانعدام شرطٍ واحدٍ فقط.

فعلى غرار هذا المثال نفهم كيف أن شياطين الجن والإنس يقومون بتخريبٍ مدهش وبحريق معنوي عظيم بفعلٍ قليل جدا، بمثل ما يقوم شريرٌ بتدمير بناءٍ فخم بإلقاء عودِ كبريت فيه.

نعم، إن أساسَ وخميرة الشرور والرذائل والخطايا كلها هو العدم والهدم، وما يبدو من وجودها الظاهرِ يخفي تحته الإفساد والتعطل والعدم.

وإستنادا إلى هذه النقطة فإن شياطين الجن والإنس والشريرِين يتمكنون بقوة هزيلة جدا، أن يصدّوا قوة لا حد لها لأهل الحق والحقيقة ويلجئوهم إلى باب الله عز وجل والسعي إليه دائما. ولأجل هذا يضع القرآن الكريم تلك الحشود الهائلة لحمايتهم، وتسلّم إلى أيديهم تسعة وتسعين اسما من الأسماء الحسنى، ويصدر أوامر مشددة ليَثبتوا تجاه أولئك الأعداء.

ومن هذا الجواب ظهر فجأة أساسُ مسألةٍ مدهشة وبدايةُ حقيقةٍ عظيمة وهو أنه:

كما أن الجنة تخزن محاصيل جميع عوالم الوجود ونتائجها، وتستثمر النوى المزروعة في الدنيا، فتجعلها تؤتي أُكلها كل حين. فإن جهنم تحمص محاصيل العدم وتعصف بها لأجل إظهار النتائج الأليمة جدا لعوالم العدم والفناء غير المحدودة، فمصنع جهنم الرهيب -فضلا عن وظائفها العديدة- يطهّر ما في عالم الوجود من أوساخ عالم العدم وأدرانه. سنوضح هذه المسألة العظيمة فيما بعد إن شاء الله لأننا لا نريد فتح بابها هنا.

وكذا فإن جزءا من ثمرات الإيمان بالملائكة هو الذي يعود إلى المنكر والنكير، (10) وهو كالآتي:


Yükleniyor...