كأنه ينقل القارئ من درس الشريعة إلى درس التوحيد. فيُثبت أن القرآن كتابُ شريعة وأحكام وحكمة، كما هو كتاب عقيدة وإيمان، وهو كتاب ذكر وفكر، كما هو كتاب دعاء ودعوة.
وهكذا تَرى أن هناك نمطا من جزالة معجزة ساطعة في الآيات المدنية هو غير بلاغة الآيات المكية، حسب اختلاف المقام وتنوع مقاصد الإرشاد والتبليغ.
فقد ترى هذا النمط في كلمتين فقط: ﹛﴿ ربك ﴾|﹜ و ﹛﴿ رَبِّ الْعَالَم۪ينَ ﴾|﹜ إذ يعلّم الأحدية بتعبير ﹛﴿ ربك ﴾|﹜ ويعلّم الواحدية ب ﹛﴿ رَبِّ الْعَالَم۪ينَ ﴾|﹜ ، علما أن الواحدية تتضمن الأحدية.
بل قد ترى ذلك النمط من البلاغة في جملة واحدة فيريك في آية واحدة مثلا نفوذَ علمه إلى موضع الذرة في بؤبؤ العين وموقعَ الشمس في كبد السماء، وإحاطة قدرته التي تضع بالآلة الواحدة كلا في مكانه، جاعلةً من الشمس كأنها عين السماء فيعقب: ﹛﴿ وَهُوَ عَل۪يمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾|﹜ بعد آيةِ ﹛﴿ يُولِجُ الَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي الَّيْلِ ﴾|﹜ (الحديد:٦) أي يعقب نفوذَ علمه سبحانه إلى خفايا الصدور بعد ذكره عظمةَ الخلق في السماوات والأرض وبَسْطها أمام الأنظار، فيقرّ في الأذهان أنه يعلم خواطر القلوب وخوافي شؤونها ضمن جلال خلّاقيته للسماوات والأرض وتدبيره لشؤونها. فهذا التعقيب: ﹛﴿ وَهُوَ عَل۪يمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾|﹜ لون من البيان يحول ذلك الأسلوب السهل الواضح الفطري -القريب إلى أفهام العوام- إلى إرشاد سامٍ وتبليغ عام جذاب.
سؤال: إن النظرة السطحية العابرة لا تستطيع أن ترى ما يورده القرآن الكريم من حقائق ذات أهمية، فلا تعرف نوع المناسبة والعلاقة بين فذلكةٍ تعبّر عن توحيد سام أو تفيد دستورا كليا، وبين حادثة جزئية معتادة؛ لذا يتوهم البعضُ أن هناك شيئا من قصورٍ في البلاغة، فمثلا لا تظهر المناسبةُ البلاغية في ذكر الدستور العظيم: ﹛﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذ۪ي عِلْمٍ عَل۪يمٌ ﴾|﹜ تعقيبا على حادثة جزئية وهي إيواء يوسف عليه السلام أخاه إليه بتدبير ذكي. فيرجى بيان السر في ذلك وكشف الحجاب عن حكمته؟
الجواب: إنّ أغلب السور المطولة والمتوسطة -التي كلّ منها كأنها قرآن على حدة- لا تكتفي بمقصدين أو ثلاثة من مقاصد القرآن الأربعة (وهي: التوحيد، النبوة، الحشر، العدل مع العبودية) بل كل منها يتضمن ماهية القرآن كلها، والمقاصدَ الأربعة معا، أي كل منها:
وهكذا تَرى أن هناك نمطا من جزالة معجزة ساطعة في الآيات المدنية هو غير بلاغة الآيات المكية، حسب اختلاف المقام وتنوع مقاصد الإرشاد والتبليغ.
فقد ترى هذا النمط في كلمتين فقط: ﹛﴿ ربك ﴾|﹜ و ﹛﴿ رَبِّ الْعَالَم۪ينَ ﴾|﹜ إذ يعلّم الأحدية بتعبير ﹛﴿ ربك ﴾|﹜ ويعلّم الواحدية ب ﹛﴿ رَبِّ الْعَالَم۪ينَ ﴾|﹜ ، علما أن الواحدية تتضمن الأحدية.
بل قد ترى ذلك النمط من البلاغة في جملة واحدة فيريك في آية واحدة مثلا نفوذَ علمه إلى موضع الذرة في بؤبؤ العين وموقعَ الشمس في كبد السماء، وإحاطة قدرته التي تضع بالآلة الواحدة كلا في مكانه، جاعلةً من الشمس كأنها عين السماء فيعقب: ﹛﴿ وَهُوَ عَل۪يمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾|﹜ بعد آيةِ ﹛﴿ يُولِجُ الَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي الَّيْلِ ﴾|﹜ (الحديد:٦) أي يعقب نفوذَ علمه سبحانه إلى خفايا الصدور بعد ذكره عظمةَ الخلق في السماوات والأرض وبَسْطها أمام الأنظار، فيقرّ في الأذهان أنه يعلم خواطر القلوب وخوافي شؤونها ضمن جلال خلّاقيته للسماوات والأرض وتدبيره لشؤونها. فهذا التعقيب: ﹛﴿ وَهُوَ عَل۪يمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾|﹜ لون من البيان يحول ذلك الأسلوب السهل الواضح الفطري -القريب إلى أفهام العوام- إلى إرشاد سامٍ وتبليغ عام جذاب.
سؤال: إن النظرة السطحية العابرة لا تستطيع أن ترى ما يورده القرآن الكريم من حقائق ذات أهمية، فلا تعرف نوع المناسبة والعلاقة بين فذلكةٍ تعبّر عن توحيد سام أو تفيد دستورا كليا، وبين حادثة جزئية معتادة؛ لذا يتوهم البعضُ أن هناك شيئا من قصورٍ في البلاغة، فمثلا لا تظهر المناسبةُ البلاغية في ذكر الدستور العظيم: ﹛﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذ۪ي عِلْمٍ عَل۪يمٌ ﴾|﹜ تعقيبا على حادثة جزئية وهي إيواء يوسف عليه السلام أخاه إليه بتدبير ذكي. فيرجى بيان السر في ذلك وكشف الحجاب عن حكمته؟
الجواب: إنّ أغلب السور المطولة والمتوسطة -التي كلّ منها كأنها قرآن على حدة- لا تكتفي بمقصدين أو ثلاثة من مقاصد القرآن الأربعة (وهي: التوحيد، النبوة، الحشر، العدل مع العبودية) بل كل منها يتضمن ماهية القرآن كلها، والمقاصدَ الأربعة معا، أي كل منها:
Yükleniyor...