«سميعاً مجيباً « يسمع آهاتِ كل ذي مصيبة وأنّات كل ذي داء، ويصغي إلى دعاء كل محتاج، ويرى أدنى حاجة لأصغر مخلوق ويسمع أخفى أنين لأضعف كائن فيشمله برأفته ويسعفه فعلا فيرضيه.. فما دام الأمر هكذا فإن دعاءً للسعادة الأخروية والبقاء والخلود -وهو أفضل دعاء وأعمُّه ويمس جميع الكائنات ويرتبط بجميع الأسماء الحسنى وبجميع الصفات الجليلة- هذا الدعاء يسأله أفضل مخلوق -وهو الإنسان- ويضمه ضمن أدعيته أعظمُ عبدٍ وأحبه إلى الله، ذلك الرسول الأعظم ﷺ، وهو إمام الأنبياء عليهم السلام الذين هم شموس البشرية وروّادها فيؤمّنون على دعائه هذا بل يؤمّن على دعائه بصلواته عليه يوميا كلُّ مؤمن من أمته عدة مرات في الأقل بل تشترك جميعُ المخلوقات في دعائه قائلة: «استجب يا ربنا دعاءه فنحن نتوسل بك ونتضرع إليك مثله».. فمثل هذا الدعاء الشامل للخلود والسعادة الأبدية، من مثل هذا الرسول الحبيب ﷺ وضمن هذه الشروط التي لا تردّ، لا شك مطلقا أنه وحده مبرّر كافٍ وسبب وافٍ لإيجاد الجنة الخالدة وإحداث الآخرة من بين أسباب لا تعد ولا تحصى موجبةٍ لإيجادها. فضلا عن أن إيجادها سهل على قدرته سبحانه وهيّن عليها كإيجاد الربيع وخلقه.

وهكذا يجيبنا اسم الله «المجيب» و«السميع» و«الرحيم» من الأسماء الحسنى عن سؤالنا حول الآخرة.

ثم إن ما في تبدل المواسم من مظاهر الموت ومشاهد البعث على الأرض كافة يدل دلالة واضحة -كدلالة النهار على الشمس- على أن وراء الحجاب ربّا يدير الأرض الهائلة في غاية الانتظام وفي منتهى السهولة -كإدارة حديقة صغيرة بل كإدارة شجرة واحدة وبانتظامها- ويدير الربيع الشاسع ويزينه بسهولةِ إدارة زهرة واحدة وبزينتها الموزونة، ويسطر على صحيفة الأرض ثلاثمائة ألفٍ من طوائف النباتات والحيوانات التي هي بمثابة ثلاثمائة ألف نوع من كتب تعرض نماذج الحشر وأمثلة النشور.

فهذا الرب القدير الذي يكتب هذه النماذج المتداخلة دون تحير ولا لبسٍ، ودون سهوٍ ولا خطأ وبإتقان وانتظام وبمعانٍ بليغة رغم تشابكها وتشابهها وتماثلها، يُظهر ضمن جلال العظمة قدرة فاعلة رحيمة حكيمة، فهو سبحانه يشمل الوجود برحمته وحكمته هذه فيهب


Yükleniyor...