بالإيمان والعبودية مستندا قويا، ومرتكزا عظيما يحتمي إليه في دفع أعدائه كافة، ويجد فيه كذلك مدارَ استمدادٍ يستغيث به لقضاء حاجاته وتلبية رغباته وآماله كافة. فكما ينتسب كلٌ إلى سيّده ويفخر بشرف انتسابه إليه ويعتز بمكانة منزلته لديه، كذلك فإن انتساب الإنسان -بالإيمان- إلى القدير الذي لا نهاية لقدرته، وإلى السلطان الرحيم ذي الرحمة الواسعة، ودخولَه في عبوديته بالطاعة والشكران، يبدّل الأجلَ والموتَ من الإعدام الأبدي إلى تذكرة مرور ورخصة إلى العالم الباقي! فلكم أنْ تقدّروا كم يكون هذا الإنسان متلذذا بحلاوة العبودية بين يدي سيده، وممتنا بالإيمان الذي يجده في قلبه، وسعيدا بأنوار الإسلام، ومفتخرا بسيّده القدير الرحيم شاكرا له نعمة الإيمان والإسلام.

ومثلما قلت ذلك لإخواني الطلبة، أقول كذلك للمسجونين: إن مَن عرف الله وأطاعه سعيدٌ ولو كان في غياهب السجن، ومَن غَفَلَ عنه ونَسِيَه شقيٌ ولو كان في قصور مشيَّدة. فلقد صرخ مظلوم ذاتَ يوم بوجه الظالمين وهو يعتلي منصة الإعدام فرِحا جذلا وقائلا:

«إنني لا أنتهي إلى الفناء ولا أُعدمُ، بل أُسرّحُ من سجن الدنيا طليقا إلى السعادة الأبدية، ولكني أَراكم أنتم محكومين عليكم بالإعدام الأبدي لما ترون الموت فناءً وعدما. فأنا إذن قد ثأرت لنفسي منكم». فَسلَّم روحَه وهو قرير العين يردد: «لا إله إلّا الله» .

﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَٓا اِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۜ اِنَّكَ اَنْتَ الْعَل۪يمُ الْحَك۪يمُ ﴾


Yükleniyor...