ولمّا فهمتُ حقيقةَ الموت فهما يقينا أحببتُه.
ثم نظرت إلى الزوال والفناء، ورأيت أن زوالَ الأشياء إنما هو تجديدٌ لها ولأمثالها، فهو تجديد ممتعٌ ملذّ، شبيهٌ بتجدد مشاهد السينما، وشبيه بتجدد جمال حباب النهر الجاري تحت ضوء الشمس. لذا علمت يقينا أن زوال الأشياء وفناءها إنما هو تجديد للتجليات الجميلة للأسماء الحسنى، ووظيفة يؤديها ضمن سيرٍ وتجوال في عالم الشهادة بعد مجيئها من عالم الغيب، وهو مظاهر حكيمة لجمال الربوبية، فالموجودات تؤدي به وظيفةَ المرآة إزاء الحسن السرمدي.
ثم نظرت إلى الجهات الست ورأيت أنها نورانية بسرّ التوحيد بل نورانية إلى حد يكاد سنا نورِها يخطف الأبصار، حتى رأيت أن الزمان الماضي لم يعُد مقبرةً عظيمة بل انقلب إلى المستقبل ليكون مجالسَ نورانية ومجامعَ أحبابٍ ومناظرَ نورانيةً تزيد على الألوف.
وهكذا على غرار هاتين المادتين نظرت إلى الوجوه الحقيقية لألوف المواد، ورأيت أنها لا تورِث إلّا السرورَ والفرح.
إن شعوري هذا وتذوقي الروحيَّ هذا في الثمرة الثالثة قد وضّحا مع الدلائل القاطعة الكلية والجزئية في مجموعة «سراج النور» بل في أربعين من أجزائها ولا سيما في «اللمعة السادسة والعشرين» (رسالة الشيوخ) في رجاياها الثلاث عشرة. إذ قد وضّحتُ هناك وضوحا كافيا لا إيضاح فوقه، لذا اختصرت هذه المسألة الطويلة في هذا المقام.
Yükleniyor...