وعروجهم تحت ظل المعراج الأحمدي وعلى أثر الرسول ﷺ في الجادة المحمدية الكبرى. دعاه هؤلاء إلى محلِ ذكرٍ عظيم بهيج، ومقامِ إرشاد قويم كريم، يشع فيضا ونورا يملأ الأرجاء كلها ويتدفق نابعا من تلاحقِ ما لا يحد من تكاياهم وزواياهم ومرابطهم. فدخل ورأى أن أهل الكشف والكرامات هؤلاء يرددون بالاتفاق والإجماع: «لا إله إلّا هو» معلنين به وجوبَ وجود الرب سبحانه وتعالى ووحدانيتَه، مستندين إلى كشفياتهم وكراماتهم ومشاهداتهم.

نعم، كما يُستَدل على الشمس بألوان ضيائها السبعة؛ فإن حقيقة التوحيد كذلك يصدقها هؤلاء الأفذاذ العارفون والجهابذة المنورون بالإجماع والاتفاق، وهم يمثلون أهلَ الطرق المتنوعة الصادقة وأصحابَ المسالك المختلفة الصائبة وذوي المشارب العديدة الحقة الذين اصطبغوا بسبعين لونا، بل بعدد أسماء الله الحسنى، من الألوان المنوّرة المتباينة والأنوار الملونة المختلفة المتجلية على القلوب والآفاق من نور الأبد والأزل. وقد شاهد السائحُ تجليَ تلك الحقيقة الباهرة؛ بعين اليقين. لذا رأى أن حقيقةً يُجمِع عليها «الأنبياء عليهم السلام»، ويتفق على صدقها «العلماء الأصفياء»، ويتوافق معها «الأولياء الصالحون» لهي حقيقةٌ أسطعُ من ضوء النهار الدال على الشمس.

وهكذا ذُكرت في المرتبة العاشرة من المقام الأول إشارةٌ مختصرة إلى ما أخذه هذا المسافر من فيض في المرابط الصوفية وزواياهم:

[لا إله إلّا الله الذي دلّ على وجوب وجوده في وحدته إجماعُ الأولياء بكشفياتهم وكراماتهم الظاهرة المحققة المصدّقة] .

ثم إن ذلك السائح أراد بكل لطائفه وقواه أن يزداد رقيّا وسموا في قوة الإيمان وانكشاف معرفته لله، لعلمِه بأن محبةَ الله الناشئةَ من الإيمان بالله، والمتفجّرةَ من معرفته، هي أعظم كمالٍ إنساني وأهمُّه وأوسعه، بل هي منبع جميع الكمالات وأساسها؛ لذا رَفَع رأسَه ناظرا في السماوات وخاطب عقلَه:

ما دامت الحياة هي أغلى شيء في الكون، والموجوداتُ كلها مسخرةً للحياة، وأن أثمن ذوي الحياة هم ذوو الروح، وأرقى ذوي الأرواح هم ذوو الشعور.. وما دامت الكرةُ الأرضية -لأجل هذه المنزلة الرفيعة- تُخلى في كل عصر وفي كل سنة، وتُملَأ باستمرار، تكثيرا لذوي


Yükleniyor...