بعلم اليقين وعين اليقين بل حتى بحق اليقين؟ ألا يكون إنكارهم واعتراضُهم خافتا واهيا أشبه بطنين البعوضة أمام هدير السماء ودويّ رعودها؟!

إن ماهية الكفر الذي يُظهر العداء للحقائق الإسلامية ويبارزها إنما هي إنكار وجهل ونفي. وحتى لو بدت -ظاهريا- إثباتا ووجوديا، إلّا أن معناها عدمٌ ونفيٌ؛ أما الإيمان: فهو علمٌ ووجودي وإثبات وحُكم. وحتى مسائله السلبية فهي ستار لحقيقة إيجابية وعنوان لها.

ولو أن أهلَ الكفر الذين يصدّون عن الإيمان سعوا ليثبتوا -بمشكلات عويصة- اعتقاداتِهم المنكرة السلبية ويجعلوها مقبولةً بصورة «قبول العدم» و«تصديق العدم»، فإن ذلك الكفر يمكن أن يعدّ -من جهة- علما خطأً وحكما غير صائب. وإلّا فإن ما هو سهلٌ ارتكابه من مجرد «عدم القبول» و«الإنكار» و«عدمِ التصديق» ليس إلّا جهلا مطلقا، و«عدمَ حكم».

والخلاصة: الاعتقاد بالكفر قسمان:

أولهما: ما ليس له علاقة بالحقائق الإسلامية. فهو تصديقٌ خطأ، واعتقاد باطل، وقبولٌ خطأ، وحكم ظالم خاصٌ به. فهذا القسم من الكفر خارج إطار بحثنا، لا شأن لنا به ولا شأن له بنا.

ثانيهما: ما يبارز الحقائق الإيمانية ويعارضها، وهذا أيضا قسمان:

الأول: هو رفضٌ، وعدمُ قبولٍ، وهو مجرد عدم تصديق الإثبات، وليس هذا الكفر إلّا جهلا، وإلّا عَدَمَ حُكمٍ، وهو سهلٌ ارتكابُه، وهو خارج نطاق بحثنا أيضا.

الثاني: هو قبول للعدم، وتصديق قلبيٌّ للعدم، فهذا القسم من الكفر هو حكم، وهو اعتقاد يفضي بصاحبه إلى الالتزام. فيضطر إلى إثبات نفيه وإنكاره.

والنفي بدوره قسمان:

أولهما: أن يقول النافي: إنه لا يوجد في موقع خاص وفي جهة معينة الشيءُ الفلاني. وهذا القسم من النفي المعيَّن يمكن إثباته، وهو أيضا خارج بحثنا.

القسم الثاني: هو نفي وإنكار المسائل الإيمانية والقدسية والعامة والمحيطة التي تتوجّه إلى الدنيا، وتشمل الكون، وتتطلع إلى الآخرة، وتضم العصور. وهذا النفي

Yükleniyor...