عندنا ونتسلّم من أموالهم.. هكذا تجري التجارة في محبة ووئام. يغذّوننا، ثم يحمّلوننا بالهدايا، ويشيّعوننا.. هكذا سرنا في الطريق، حتى بلغنا باب الدنيا، نسمع منها الأصوات.

وها قد أتيناها، ودخلناها، وطأت أقدامنا عالم الشهادة، معرض الرحمن، مشهر مصنوعاته، وموضع صخب الإنسان وضجيجه. دخلناها ونحن جاهلون بكل ما حولنا، دليلنا وإمامنا مشيئة الرحمن، ووكيلها عيوننا اللطيفة.

ها قد فتحت عيونُنا، أجَلْناها في أقطار الدنيا.. أتذكر مجيئنا السابق إلى ههنا؟ كنا أيتاما غرباء، بين أعداء لا يعدّون من دون حامٍ ولا مولى.

أما الآن، فنور الإيمان «نقطة استناد» لنا، ذلك الركن الشديد تجاه الأعداء.

حقا، إن الإيمان بالله نور حياتنا، ضياء روحنا، روح أرواحنا، فقلوبنا مطمئنة بالله لا تعبأ بالأعداء، بل لا تعدّهم أعداء.

في الطريق الأولى، دخلنا الوجدان، سمعنا ألوف الصيحات والاستغاثات، ففزعنا من البلاء. إذ الآمال والرغبات والمشاعر والاستعدادات لا ترضى بغير الأبد. ونحن نجهل سبيل إشباعها. فكان الجهل منا، والصراخ منها.

أما الآن، فلله الحمد والمنة، فقد وجدنا «نقطة استمداد» تبعث الحياة في الآمال والاستعدادات، وتسوقها إلى طريق أبد الآباد. فيتشرب الاستعداد منها والآمال ماء الحياة، وكل يسعى لكماله.

فتلك النقطة المشوقة، «نقطة الاستمداد»، هي القطب الثاني من الإيمان، وهو الإيمان بالحشر. والسعادة الخالدة هي درّة ذلك الصدف.

إن برهان الإيمان هو القرآن والوجدان، ذلك السر الإنساني.

إرفعْ رأسك يا أخي، وألق نظرة في الكائنات، وحاورها، أما كانت موحشة في طريقنا الأولى والآن تبتسم وتنشر البشر والسرور؟ ألا ترى قد أصبحت عيوننا كالنحلة تطير إلى كل جهة في بستان الكون هذا، وقد تفتحت فيه الأزهار في كل مكان، وتمنح الرحيق الطهور. ففي


Yükleniyor...