معينا لخالق كل شيء لا يمكن لغيره تعالى أن يحشر نفسه في الإيجاد قطعا. أي إن هذا النوع من عمل الملائكة هو عباداتهم؛ إذ ليس هي عادات كما هي في الإنسان.

القسم الثاني: من العمال في قصر الكون، هو الحيوانات.

وحيث إن الحيوانات لها نفس مشتهية، واختيار جزئي، فلا تكون أعمالُها خالصةً لوجه الله. بل تستخرج النفسُ حظَّها وشهوتَها من عملها، لذا يمنح مالكُ الملك ذو الجلال والإكرام تلك الحيوانات أجرة ومرّتبا ضمن أعمالها، تُطَمئِن نفوسَها وتشبعها.

فمثلا: البلبل المعروف بعاشق الورود والأزهار، (22) يستخدم الفاطرُ الجليل ذلك الحيوان الصغير ويستعمله في خمس غايات:

أولاها: أنه مأمور ومكلّف، باسم القبائل الحيوانية، بإعلان شدة العلاقة تجاه طوائف النباتات.

ثانيتها: أنه موظف بإعلان الفرح والسرور، والترحيب بالهدايا المُرسلة من قبل الرزاق الكريم، حيث إنه خطيب رباني يسأل بتغريده أرزاقَ الحيوانات، ضيوف الرحمن، المحتاجين إلى الرزق.

ثالثتها: إظهارُ حُسن الاستقبال على رؤوس النباتات جميعا، تعبيرا عن إرسال النباتات إمدادا لبني جنسه من الطير والحيوان.

رابعتها: بيان شدةِ حاجة الحيوانات إلى النباتات التي تبلُغ حدَّ العشق تجاه الوجوه المليحة للنباتات وإعلانها على رؤوس الأشهاد.

خامستها: تقديمُ ألطفِ تسبيحٍ إلى ديوان رحمة مالك الملك ذي الجلال والإكرام في ألطف شوق ووَجْد، وفي ألطف وجه، وهو الورد.

وهكذا هناك معان أخرى شبيهة بهذه الغايات الخمس.

فهذه المعاني وهذه الغايات، هي الغاية من عمل البلبل الذي يقوم به لأجل الحق


Yükleniyor...