عرّفنا بخالقنا

[المسألة السادسة من رسالة الثمرة]


هذه المسألة إشارة مختصرة إلى برهان واحد فقـط من بين ألوف البراهين الكلّية حول (الإيمان بالله) والذي تَمَّ إيضاحُه مع حِجَجِهِ القاطعة في عِدّة مواضع من رسائل النور.

جاءَني فريق من طلاب الثانوية في «قسطموني» (8) قائلين:

«عرّفنا بخالقنا، فإنّ مُدرّسينا لا يذكرون الله لنا!».

فقلت لهم: «إن كل علم من العلوم التي تقرأونها يبحث عن الله دوما، ويعرّف بالخالق الكريم بلغته الخاصة. فاصغوا إلى تلك العلوم دون المدرسين».

فمثلا: لو كانت هناك صيدلية ضخمة، في كل قنينة من قنانيها أدوية ومستحضرات حيوية، وضِعت فيها بموازين حساسة، وبمقادير دقيقة؛ فكما أنها ترينا أن وراءها صيدليا حكيما، وكيميائيا ماهرا، كذلك صيدلية الكرة الأرضية التي تضم أكثر من أربعمائة ألفِ نوعٍ من الأحياء نباتا وحيوانا، وكل واحد منها في الحقيقة بمثابة زجاجة مستحضراتٍ كيمياوية دقيقة، وقنينة مخاليطَ حيويةٍ عجيبة. فهذه الصيدلية الكبرى تُري حتى للعميان صيدليّها الحكيم ذا الجلال، وتعرّف خالقها الكريم سبحانه بدرجة كمالها وانتظامها وعظمتها، قياسا على تلك الصيدلية التي في السوق، وِفْقَ مقاييس علم الطب الذي تقرأونه.

ومثلا: كما أنّ مصنعا خارقا عجيبا ينسج ألوفا من أنـواع المنسوجات المتنوعة، والأقمشة المختلفة، من مادة بسيطة جدا، يُرينا بلا شك أنّ وراءَه مهندسا ميكانيكيا ماهرا، ويعرّفه لنا؛ كذلك هذه الماكنة الربانية السيارة المُسمَّاةُ بالكرة الأرضية، وهذا المصنع الإلهي


Yükleniyor...