به يُنوّر الكائناتِ جميعا فانقشعتْ تلك الظلماتُ، وانكشفتْ وزالت نهائيا، وامتلأ كلُّ مكانٍ وكلُّ جهةٍ بذلك النور. وبَدَتْ حقيقةُ كلّ شيء ناصعةً واضحة. فوجدتُ أن ذلك الجسرَ المعلّقَ الرهيبَ ما هو إلّا شارع يمرّ من سهلٍ منبسط. وتبيّنتُ أن تلك المقبرةَ الهائلةَ التي رأيتُها على جهة اليمين ليست إلّا مجالسَ ذكرٍ وتهليلٍ وندوة كريمة لطيفة وخِدمة جليلة، وعبادة سامية تحت إمرة رجالٍ نورانيين في جنائنَ خُضرٍ جميلة تشعُّ بهجةً ونورا وتبعث في القلب سعادةً وسرورا. أما تلك الأودية السحيقةُ والدواهي المدهشةُ والحوادثُ الغامضةُ التي رأيتُها عن يساري، فلم تكن إلّا جبالا مُشجرةً خضراء تسرُّ الناظرين، ووراءَها مضيف عظيم ومُروج رائعة ومتنـزّه رائع.. نعم، هكذا رأيتُها بخيالي، أما تلك المخلوقاتُ المخيفة والوحوشُ الضارية التي شاهدتُها فلم تكن إلّا حيوانات أليفة أنيسة؛ كالجمل والثور والضأن والماعز، وعندها تلوتُ الآيةَ الكريمة: ﹛﴿ اَللّٰهُ وَلِيُّ الَّذ۪ينَ اٰمَنُواۙ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ ﴾|﹜ . وبدأتُ أردّد: الحمد لله على نور الإيمان. ثُمَّ أفقتُ من تلك الواقعةِ.
وهكذا، فذاكما الجبلان هما: بدايةُ الحياةِ ومُنتهاها، أي هما عالَمُ الأرض وعالَمُ البرزخ.. وذلك الجسرُ هو طريقُ الحياة.. والطرفُ الأيمن هو الماضي من الزمن، والطرفُ الأيسرُ هو المستقبلُ منه. أما المصباحُ اليدوي فهو أنانيةُ الإنسان المعتدّةُ بنفسها والمتباهيةُ بما لديها من علم، والتي لا تصغي إلى الوحي السماوي.. أما تلك الغيلانُ والوحوشُ الكاسرة فهي حوادثُ العالم العجيبة وموجوداته.
فالإنسانُ الذي يعتمد على أنانيته وغروره ويقع في شِراكِ ظلماتِ الغفلةِ ويُبْتلى بأغلال الضلالة القاتلة، فإنه يشبه حالتي الأولى في تلك الواقعة الخيالية، حيث يرى الزمنَ الماضي بنور ذلك المصباح الناقص الذي هو معرفة ناقصة منحرفة للضلالة كمقبرةٍ عظيمة في ظلمات العدم، ويصوِّرُ الزمن من المستقبلِ موحشا تَعبثُ فيه الدواهي والخطوب محيلا إياه إلى الصدفةِ العمياء. كما يصوِّرُ جميعَ الحوادث والموجودات -التي كلّ منها موظفة مسخرة من لدن ربّ رحيم حكيم- كأنها وحوش كاسرة وفواتك ضارية. فيَحقّ عليه حُكمُ الآية الكريمة: ﹛﴿ وَالَّذ۪ينَ كَفَرُٓوا اَوْلِيَٓاؤُ۬هُمُ الطَّاغُوتُۙ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ اِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾|﹜ (البقرة:٢٥٧).
أما إذا أغاثت الإنسانَ الهدايةُ الإلهيةُ، ووجد الإيمانُ إلى قلبه سبيلا، وانكسرتْ
وهكذا، فذاكما الجبلان هما: بدايةُ الحياةِ ومُنتهاها، أي هما عالَمُ الأرض وعالَمُ البرزخ.. وذلك الجسرُ هو طريقُ الحياة.. والطرفُ الأيمن هو الماضي من الزمن، والطرفُ الأيسرُ هو المستقبلُ منه. أما المصباحُ اليدوي فهو أنانيةُ الإنسان المعتدّةُ بنفسها والمتباهيةُ بما لديها من علم، والتي لا تصغي إلى الوحي السماوي.. أما تلك الغيلانُ والوحوشُ الكاسرة فهي حوادثُ العالم العجيبة وموجوداته.
فالإنسانُ الذي يعتمد على أنانيته وغروره ويقع في شِراكِ ظلماتِ الغفلةِ ويُبْتلى بأغلال الضلالة القاتلة، فإنه يشبه حالتي الأولى في تلك الواقعة الخيالية، حيث يرى الزمنَ الماضي بنور ذلك المصباح الناقص الذي هو معرفة ناقصة منحرفة للضلالة كمقبرةٍ عظيمة في ظلمات العدم، ويصوِّرُ الزمن من المستقبلِ موحشا تَعبثُ فيه الدواهي والخطوب محيلا إياه إلى الصدفةِ العمياء. كما يصوِّرُ جميعَ الحوادث والموجودات -التي كلّ منها موظفة مسخرة من لدن ربّ رحيم حكيم- كأنها وحوش كاسرة وفواتك ضارية. فيَحقّ عليه حُكمُ الآية الكريمة: ﹛﴿ وَالَّذ۪ينَ كَفَرُٓوا اَوْلِيَٓاؤُ۬هُمُ الطَّاغُوتُۙ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ اِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾|﹜ (البقرة:٢٥٧).
أما إذا أغاثت الإنسانَ الهدايةُ الإلهيةُ، ووجد الإيمانُ إلى قلبه سبيلا، وانكسرتْ
Yükleniyor...