المتجلية فيها واحبب مسمّاها، واقطع علاقتك عن تلك القطع الزجاجية القابلة للكسر والزوال..

واعلم أنها موضع تجارة سيّار، فقم بالبيع والشراء المطلوب منك، دون أن تلهثَ وراء القوافل التي أهملتك وجاوزتك، فتتعب..

واعلم أنها متنـزه مؤقت فاسرح ببصرك فيها للعبرة، ودقق في الوجه الجميل المتستر، المتوجه إلى الجميل الباقي، وأعرض عن الوجه القبيح الدميم المتوجه إلى هوى النفس، ولا تبك كالطفل الغرير عند انسدال الستائر التي تريك تلك المناظر الجميلة..

واعلم أنها دار ضيافة، وأنت فيها ضيف مكرم، فكُلْ واشربْ بإذنِ صاحب الضيافة والكرم، وقدّم له الشكر، ولا تتحرك إلّا وفق أوامره وحدوده، وارحل عنها دون أن تلتفت إلى ورائك.. وإيّاك أن تتدخل بفضول بأمور لا تعود إليك ولا تفيدك بشيء، فلا تغرق نفسك بشؤونها العابرة التي تفارقك.

وهكذا بمثل هذه الحقائق الظاهرة يخفف سبحانه وتعالى عن الإنسان كثيرا من آلام فراق الدنيا، بل قد يحببه إلى النابهين اليقظين، بما يظهر سبحانه عليه من أسرار حقيقة الدنيا، وإنه أثرٍ من آثار رحمته الواسعة في كل شيء، وفي كل شأْن. وإذْ يشير القرآن الكريم إلى هذه الوجوه الخمسة، فإنّ آياتٍ كريمة تشير إلى وجوه خاصة أخرى كذلك.

فيا لتعاسة من ليس له حظ من هذه الوجوه الخمسة.


Yükleniyor...