فنشأ لديه من هذا التفكيرِ الجميل والخوفِ اللذيذ شوق أثارَ هذا السؤال: «مَن يكون يا تُرى هذا الذي يجرّبني ويريد أن يعرّفني نفسَه ؟ ومَن هذا الذي يسوقني في هذا الطريق العجيب إلى غاية هادفة ؟». ثم نشأ من الشوق إلى التعرف محبةُ صاحب الطلسم، ونمتْ من تلك المحبة رغبةُ حل الطلسم، ومن تلك الرغبة انبثقتْ رغبةُ اتخاذ وضعٍ جميل وحالةٍ مقبولة لدى صاحب الطلسم حسب ما يحبه ويرضاه.
ثم نظر أعلى الشجرة فرأى أنها شجرةُ تين، غير أن في نهاية أغصانها آلافَ الأنواع من الأثمار والفواكه، وعندها ذهب خوفُه وزال نهائيا، لأنه علِم علما قاطعا بأن شجرة التين هذه إنما هي فهرس ومعرِض، حيث قَلَّد الحاكمُ الخفي نماذجَ ما في بستانه وجنّاته بشكل معجز عليها وزيّنها بها، إشارةً لما أعدّه من أطعمة ولذائذَ لضيوفه.. وإلّا فإن شجرة واحدة لن تعطي أثمارَ آلاف الأشجار. فلَم يرَ أمامَه إلّا الدعاءَ والتضرع، فألَحّ متوسلا بانكسار إلى أن ألْهِم مفتاحَ الطلسم فهتف قائلا: «يا حاكمَ هذه الديار والآفاق! ألتجئ إليك وأتوسل وأتـضرع، فأنا لك خادم، أريد رضاك وأنا أطلُبك وأبحث عنك..!».
فانشقّ جدارُ البئر فجأة بعد هذا الدعاء، عن بابٍ يُفتح إلى بستان فاخر طاهر جميل، وربما انقلب فمُ ذلك الثعبان إلى ذلك الباب، واتخذ كلّ من الأسد والثعبان صورةَ الخادم وهيأته. فأخذا يدعوانه إلى البستان حتى إن ذلك الأسد تقمّص شكل حصان مسخّر بين يديه.
فيا نفسي الكسلى! ويا صاحبي في الخيال! تعاليا لنوازن بين أوضاع هذين الأخَوين كي نعلم كيف أن الحسنةَ تجلُب الحسنة وأن السيئة تأتي بالسيئة. إن المسافر الشقي إلى جهة الشمال معرّض في كل آن أن يلجَ فم الثعبان فهو يرتجف خوفا وهلعا. بينما هذا السعيد يُدعى إلى بستان أنيق بهيج مثمر بفواكهَ شتى. وإن قلب ذلك الشقي يتمزق في خوف عظيم ورُعب أليم، بينما هذا السعيد يرى غرائبَ الأشياء وينظر إليها بعبرة حلوةٍ وخوفٍ لذيذ ومعرفة محبوبة. وإن ذلك الشقي المسكين ليُعاني من الوحشة واليأس واليُتم عذابا وأيّ عذاب! بينما هذا السعيد يتلذذ في الأنس ويترفّل في الأمل والشوق.
ثم إن ذلك المنكود يرى نفسه محكوما عليه -كالسجين- بهجمات الحشرات المؤذية، بينما هذا السعيد المحظوظ يتمتع متعةَ ضيفٍ عزيز. وكيف لا وهو ضيف عند مضيِّفٍ كريم،
ثم نظر أعلى الشجرة فرأى أنها شجرةُ تين، غير أن في نهاية أغصانها آلافَ الأنواع من الأثمار والفواكه، وعندها ذهب خوفُه وزال نهائيا، لأنه علِم علما قاطعا بأن شجرة التين هذه إنما هي فهرس ومعرِض، حيث قَلَّد الحاكمُ الخفي نماذجَ ما في بستانه وجنّاته بشكل معجز عليها وزيّنها بها، إشارةً لما أعدّه من أطعمة ولذائذَ لضيوفه.. وإلّا فإن شجرة واحدة لن تعطي أثمارَ آلاف الأشجار. فلَم يرَ أمامَه إلّا الدعاءَ والتضرع، فألَحّ متوسلا بانكسار إلى أن ألْهِم مفتاحَ الطلسم فهتف قائلا: «يا حاكمَ هذه الديار والآفاق! ألتجئ إليك وأتوسل وأتـضرع، فأنا لك خادم، أريد رضاك وأنا أطلُبك وأبحث عنك..!».
فانشقّ جدارُ البئر فجأة بعد هذا الدعاء، عن بابٍ يُفتح إلى بستان فاخر طاهر جميل، وربما انقلب فمُ ذلك الثعبان إلى ذلك الباب، واتخذ كلّ من الأسد والثعبان صورةَ الخادم وهيأته. فأخذا يدعوانه إلى البستان حتى إن ذلك الأسد تقمّص شكل حصان مسخّر بين يديه.
فيا نفسي الكسلى! ويا صاحبي في الخيال! تعاليا لنوازن بين أوضاع هذين الأخَوين كي نعلم كيف أن الحسنةَ تجلُب الحسنة وأن السيئة تأتي بالسيئة. إن المسافر الشقي إلى جهة الشمال معرّض في كل آن أن يلجَ فم الثعبان فهو يرتجف خوفا وهلعا. بينما هذا السعيد يُدعى إلى بستان أنيق بهيج مثمر بفواكهَ شتى. وإن قلب ذلك الشقي يتمزق في خوف عظيم ورُعب أليم، بينما هذا السعيد يرى غرائبَ الأشياء وينظر إليها بعبرة حلوةٍ وخوفٍ لذيذ ومعرفة محبوبة. وإن ذلك الشقي المسكين ليُعاني من الوحشة واليأس واليُتم عذابا وأيّ عذاب! بينما هذا السعيد يتلذذ في الأنس ويترفّل في الأمل والشوق.
ثم إن ذلك المنكود يرى نفسه محكوما عليه -كالسجين- بهجمات الحشرات المؤذية، بينما هذا السعيد المحظوظ يتمتع متعةَ ضيفٍ عزيز. وكيف لا وهو ضيف عند مضيِّفٍ كريم،
Yükleniyor...