جزئي لبشر، ولاسيما إنسان أميّ، بل لابد أن تستند إلى علم واسع محيط بكل شيء والبصير بجميع الأشياء معا..

فهو كلام ذات الله الجليل البصير بالأزل والأبد معا والشاهد على جميع الحقائق في آن واحد.. آمنا.

الضياء الثاني

إنّ فلسفة البشر التي تحاول أن تتصدى لحكمة القرآن الكريم وتسعى لمعارضتها، قد سقطتْ وهوت أمام حكمة القرآن السامية.. كما أوضحنا ذلك في «الكلمة الثانية عشرة» في أسلوب حكاية تمثيلية، وأثبتناه إثباتا قاطعا في كلمات أخرى.

لذا نحيل إلى تلك الرسائل، إلّا أننا سنعقد هنا موازنة جزئية بسيطة بينهما من جانب آخر وهو جانب نظرتهما إلى الدنيا؛ كالآتي:

إنّ فلسفة البشر وحكمتَه تنظر إلى الدنيا على أنها ثابتة دائمة، فتذكر ماهية الموجودات وخواصها ذكرا مفصلا مسهبا، بينما لو ذَكرتْ وظائف تلك الموجودات الدالة على صانعها فإنها تذكرها ذكرا مجملا مقتضبا. أي إنها تفصّل في ذكر نقوش كتاب الكون وحروفه، في حين لا تعير معناه ومغزاه اهتماما كبـيرا.

أما القرآن الكريم فإنه ينظر إلى الدنيا، على أنها عابرة سيّالة، خدّاعة سيّارة، متقلبة لا قرار لها ولا ثبات، لذا يذكر خواص الموجودات وماهياتها المادية الظاهرة ذكرا مجملا مقتضبا، بينما يفصّل تفصيلا كاملا لدى بيانه وظائفها التي تنمّ عن عبوديتها التي أناطها بها الصانع الجليل، ولدى بيانه مدى انقياد الموجودات للأوامر التكوينية الإلهية، وكيف وبأي وجه من وجوهها تدل على أسماء صانعها الحسنى.

ففي بحثنا هذا، سنلقي نظرة عَجلَى على الفرق بين نظرة الفلسفة ونظرة القرآن (إلى الدنيا والموجودات) من حيث هذا الإجمال والتفصيل؛ لنرى أين يقف الحق الأبلج والحقيقة الساطعة.

إنّ ساعتنا اليدوية التي يبدو عليها الاستقرارُ والثبات تنطوي على تغيرات وتبدلات


Yükleniyor...