ثم انظر، إنّه يأخذ بيده الغيبية هذا الحديد والتراب والماء والفحم والنحاس والفضة والذهب ويصنع منها جميعا قطعةَ لحم. (4)

فيا أيها الغافل.. هذه الأشياء والأفعال إنما تخصّ مَن زمامُ هذه المملكة بيده، ومَن لا يعزُب عنه شيء، وكلُّ شيء منقاد لإرادته.

البرهان الثالث

تعالَ لننظر إلى مصنوعاته العجيبة المتحركة. (5) فقد صُنع كلّ منها كأنه نسخة مصغرة من هذا القصر العظيم، إذ يوجد فيه ما في القصر كله. فهل يمكن أن يُدرج أحد هذا القصر مصغّرا في ماكنةٍ دقيقة غير صانعه البديع؟ أو هل يمكن أن ترى عبثا أو مصادفة في عالَمٍ ضُمَّ داخل ماكنة صغيرة؟

أي إن كل ما تشاهده من مكائن إنما هي بمثابة آية تدل على ذلك الصانع البديع، بل كل ماكنة دليل عليه، وإعلان يفصح عن عظمته، ويقول بلسان الحال: نحن مِن إبداع مَن أبدع هذا العالَم بسهولة مطلقة كما أوجدَنا بسهولة مطلقة.

البرهان الرابع

أيها الأخ العنيد! تعالَ أرِكَ شيئا أكثر إثارة للإعجاب! انظر، فها قد تبدّلت الأمور في هذه المملكة، وتغيّرت جميع الأشياء، وها نحن أولاء نرى بأعيننا هذا التبدل والتغير، فلا ثبات لشيء مما نراه بل الكل يتغير ويتجدد.

انظر إلى هذه الأجسام الجامدة المشاهَدة التي لا نرى فيها شعورا، كأن كلا منها قد اتخذ صورةَ حاكمٍ مطلق والآخرون محكومون تحت سيطرته، وكأن كلا منها يسيطر على الأشياء كلها. انظر إلى هذه الماكنة التي بقربنا (6) كأنها تأمر فيهرع إليها من بعيد ما تحتاجه من لوازم


Yükleniyor...