أن انكشاف قابليات تلك الطيور الضعيفة وتحفيزها للظهور لا يتحقق إلّا إذا أحسَّتْ بالخطر المحدق بها، وشعرت بقدرة الطيور الجارحة على التسلّط عليها..
ومثلا: إنّ هطول الثلوج الذي يغمر الأشياء في فصل الشتاء ربما يثير بعض الضيق لدى الإنسان، لأنّه يحرمه من لذة الدفء ومناظر الخُضرة، بينما تختفي في قلب هذا الجليد غايات دافئة جدا ونتائج حلوة يعجز الإنسان عن وصفها.
ثم إنّ الإنسان من حيث نظره القاصر يحكم على كل شيء بوجهه المتوجه إلى نفسه، لذا يظن أنّ كثيرا من الأمور التي هي ضمن دائرة الآداب المحضة أنّها مجافية لها، خارجة عنها.. فالحديث عن عضو تناسل الإنسان -مثلا- مخجل فيما يتبادله من أحاديث مع الآخرين. فهذا الخجل منحصر في وجهه المتوجه للإنسان، إلّا أنّ أوْجهَهُ الأخرى، أيْ من حيث الخلقة ومن حيث الإتقان ومن حيث الغايات التي وجد لأجلها، موضع إعجاب وتدبر.. فكلّ من هذه الأوجهِ التي فُطر عليها إنّما هي وجه جميل من أوجه الحكمة، وإذا هي -بهذا المنظار- محض أدبٍ لا يُخدشُ الحديثُ عنها الذوقَ والحياءَ..
حتى إنّ القرآن الكريم -الذي هو منبع الأدب الخالص- يضم بين سوره تعابير تشير إشارات في غاية اللطف والجمال إلى هذه الوجوه الحكيمة والستائر اللطيفة، فما نراه قُبحا في بعض المخلوقات، والآلام والأحزان التي تخلِّفها بعضُ الأحداث والوقائع اليومية لا تخلو أعماقُها قطعا من أوجه جميلة، وأهداف خيرة، وغايات سامية، وحِكَم خبيئة، تَتَوجّه بكل ذلك إلى خالقها الكريم كما قَدَّر وهَدَى وأراد. فالكثير من الأمور التي تبدو -في الظاهر- مشوشةً مضطربة ومختلطة، إن أنعَمْتَ النظرَ إلى مداخلها طَالَعَتْكَ -من خلالها- كتابات ربانية مقدسة رائعة، وفي غاية الجمال والانتظام والخير والحكمة.
النقطة الثالثة
قال تعالى: ﹛﴿ قُلْ اِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُون۪ي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ ﴾|﹜ (آل عمران:٣١)
ما دام حسن الصنعة موجودا في الكون، وهو أمر قطعي كما يشاهد، يلزم إذن ثبوت الرسالة الأحمدية عليه الصلاة والسلام بقطعية يقينية بدرجة الشهود؛ لأنّ حُسن الصنعة وجمال الصورة في هذه المصنوعات، يدلان على أنّ في صانعها إرادة تحسين وطلب تزيين في
ومثلا: إنّ هطول الثلوج الذي يغمر الأشياء في فصل الشتاء ربما يثير بعض الضيق لدى الإنسان، لأنّه يحرمه من لذة الدفء ومناظر الخُضرة، بينما تختفي في قلب هذا الجليد غايات دافئة جدا ونتائج حلوة يعجز الإنسان عن وصفها.
ثم إنّ الإنسان من حيث نظره القاصر يحكم على كل شيء بوجهه المتوجه إلى نفسه، لذا يظن أنّ كثيرا من الأمور التي هي ضمن دائرة الآداب المحضة أنّها مجافية لها، خارجة عنها.. فالحديث عن عضو تناسل الإنسان -مثلا- مخجل فيما يتبادله من أحاديث مع الآخرين. فهذا الخجل منحصر في وجهه المتوجه للإنسان، إلّا أنّ أوْجهَهُ الأخرى، أيْ من حيث الخلقة ومن حيث الإتقان ومن حيث الغايات التي وجد لأجلها، موضع إعجاب وتدبر.. فكلّ من هذه الأوجهِ التي فُطر عليها إنّما هي وجه جميل من أوجه الحكمة، وإذا هي -بهذا المنظار- محض أدبٍ لا يُخدشُ الحديثُ عنها الذوقَ والحياءَ..
حتى إنّ القرآن الكريم -الذي هو منبع الأدب الخالص- يضم بين سوره تعابير تشير إشارات في غاية اللطف والجمال إلى هذه الوجوه الحكيمة والستائر اللطيفة، فما نراه قُبحا في بعض المخلوقات، والآلام والأحزان التي تخلِّفها بعضُ الأحداث والوقائع اليومية لا تخلو أعماقُها قطعا من أوجه جميلة، وأهداف خيرة، وغايات سامية، وحِكَم خبيئة، تَتَوجّه بكل ذلك إلى خالقها الكريم كما قَدَّر وهَدَى وأراد. فالكثير من الأمور التي تبدو -في الظاهر- مشوشةً مضطربة ومختلطة، إن أنعَمْتَ النظرَ إلى مداخلها طَالَعَتْكَ -من خلالها- كتابات ربانية مقدسة رائعة، وفي غاية الجمال والانتظام والخير والحكمة.
النقطة الثالثة
ما دام حسن الصنعة موجودا في الكون، وهو أمر قطعي كما يشاهد، يلزم إذن ثبوت الرسالة الأحمدية عليه الصلاة والسلام بقطعية يقينية بدرجة الشهود؛ لأنّ حُسن الصنعة وجمال الصورة في هذه المصنوعات، يدلان على أنّ في صانعها إرادة تحسين وطلب تزيين في
Yükleniyor...