فإن كنتِ فطنة فخذي الحقيقة الجلية في مثال القائد -في هذا التنبيه- عبرةً ودليلا، وقولي بكل همة ورجولة «يا صبور!» ثم خذي على عاتقك الأنواع الثلاثة من الصبر. واستندي إلى قوة الصبر المودعة فيك وتجمّلي بها، فإنّها تكفي للمشقات كلها، وللمصائب جميعها ما لم تبعثريها خطأ في أمور جانبية.

التنبيه الرابع

يا نفسي الطائشة! يا تُرى هل أنّ أداء هذه العبودية دون نتيجة وجدوى؟! وهل أنّ أجرتها قليلة ضئيلة حتى تجعلك تسأمين منها؟ مع أنّ أحدنا يعمل إلى المساء ويكدّ دون فتور إن رغّبه أحد في مالٍ أو أرهبَهُ.

إنّ الصلاة التي هي قوت لقلبك العاجز الفقير وسكينة له في هذا المضيف الموقت وهو الدنيا. وهي غذاء وضياء لمنـزلك الذي لابد أنّكِ صائرة إليه، وهو القبر. وهي عهد وبراءة في محكمتك التي لا شك أنكِ تحشرين إليها. وهي التي ستكون نورا وبُراقا على الصراط المستقيم الذي لابد أنّكِ سائرة عليه.. فصلاة هذه نتائجها، هل هي بلا نتيجة وجدوى ؟ أمْ أنها زهيدة الأجرة ؟!

وإذا وَعَدَكِ أحد بهدية مقدارها مائة ليرة، فسوف يستخدمك مائة يوم وأنتِ تسعَين وتعملين معتمدة على وعده دون ملل وفتور، رغم أنّه قد يخلف الوعد. فكيف بمن وعدك وهو لا يخلف الوعد مطلقا ؟؟ فخُلف الوعد عنده محال! وعدك أجرةً وثمنا هي الجنة، وهدية عظيمة هي السعادة الخالدة، لتؤدي له واجبا ووظيفة لطيفة مريحة وفي فترة قصيرة جدا. ألا تفكرين في أنكِ إن لم تؤدِّ تلك الوظيفة والخدمة الضئيلة، أو قمتِ بها دون رغبة أو بشكلٍ متقطع، فإنكِ إذن تستخفّين بهديته، وتتهمينه في وعده! ألا تستحقين إذن تأديبا شديدا وتعذيبا أليما ؟ ألا يثير همتك لتؤدي تلك الوظيفة التي هي في غاية اليسر واللطف خوفَ السجن الأبدي وهو جهنم. علما أنّكِ تقومين بأعمال مرهقة وصعبة دون فتور خوفا من سجن الدنيا، وأين هذا من سجن جهنم الأبدي ؟!


Yükleniyor...