أما الفريق الآخر:
وهم الذين قد فسدتْ عقولُهم، وانطفأت جذوة قلوبهم، فما إن دخلوا القصر، حتى غلبتْ عليهم شهواتُهم، فلم يعودوا يلتفتون إلا لما تشتهيه أنفسُهم من الأطعمة اللذيذة، صارفين أبصارهم عن جميع تلك المحاسن، سادّين آذانهم عن جميع تلك الإرشادات الصادرة من ذلك المعلم العظيم، وتوجيهات تلاميذه.. فأقبلوا على المأكولات بشراهة ونَهَم، كالحيوانات، فأطبقت عليهم الغفلةُ والنوم وغشيهم السُكر، حتى فقدوا أنفسهم لكثرة ما أفرطوا في شرب ما لم يؤذَن لهم به؛ فأزعجوا الضيوف الآخرين بجنونهم وعربدتهم؛ فأساءوا الأدب مع قوانين السلطان المعظم وأنظمته.. لذا أخذهم جنودُه وساقوهم إلى سجن رهيب لينالوا عقابهم الحق، جزاءً وفاقا على ما عملوا من سوء الخُلق.
فيا مَن ينصت معي إلى هذه الحكاية؛ لابد أنك قد فهمت أن ذلك السلطان قد بَنى هذا القصرَ الشامخ لأجل تلك المقاصد المذكورة، فحصول تلك المقاصد يتوقف على أمرين:
أحدهما: وجودُ ذلك المعلم الأستاذ الذي شاهدناه وسمعنا خطابه، إذ لولاه لذهبت تلك المقاصد هباءا منثورا، كالكتاب المبهَم الذي لا يُفهم معناه، ولا يبينه أستاذ، فيظل مجرد أوراق لا معنى لها!..
ثانيهما: إصغاءُ الناس إلى كلام ذلك المعلم، وتقبّلهم له.
بمعنى أن وجود الأستاذ مدعاة لوجود القصر، واستماعَ الناس إليه سبب لبقاء القصر، لذا يصحّ القول: لم يكن السلطان العظيم ليبني هذا القصر لولا هذا الأستاذ. وكذا يصح القول: حينما يصبح الناس لا يصغون إليه ولا يلقون بالا إلى كلامه، فسيغير السلطان هذا القصر ويبدله.
إلى هنا انتهت القصة يا صديقي. فإن كنت قد فهمت سر الحكاية، فانظر من خلالها إلى وجه الحقيقة:
إن ذلك القصر هو هذا العالَم، المسقّف بهذه السماء المتلألئة بالنجوم المتبسمة، والمفروش بهذه الأرض المزيّنة من الشرق إلى الغرب بالأزهار المتجددة كل يوم. وذلك
وهم الذين قد فسدتْ عقولُهم، وانطفأت جذوة قلوبهم، فما إن دخلوا القصر، حتى غلبتْ عليهم شهواتُهم، فلم يعودوا يلتفتون إلا لما تشتهيه أنفسُهم من الأطعمة اللذيذة، صارفين أبصارهم عن جميع تلك المحاسن، سادّين آذانهم عن جميع تلك الإرشادات الصادرة من ذلك المعلم العظيم، وتوجيهات تلاميذه.. فأقبلوا على المأكولات بشراهة ونَهَم، كالحيوانات، فأطبقت عليهم الغفلةُ والنوم وغشيهم السُكر، حتى فقدوا أنفسهم لكثرة ما أفرطوا في شرب ما لم يؤذَن لهم به؛ فأزعجوا الضيوف الآخرين بجنونهم وعربدتهم؛ فأساءوا الأدب مع قوانين السلطان المعظم وأنظمته.. لذا أخذهم جنودُه وساقوهم إلى سجن رهيب لينالوا عقابهم الحق، جزاءً وفاقا على ما عملوا من سوء الخُلق.
فيا مَن ينصت معي إلى هذه الحكاية؛ لابد أنك قد فهمت أن ذلك السلطان قد بَنى هذا القصرَ الشامخ لأجل تلك المقاصد المذكورة، فحصول تلك المقاصد يتوقف على أمرين:
أحدهما: وجودُ ذلك المعلم الأستاذ الذي شاهدناه وسمعنا خطابه، إذ لولاه لذهبت تلك المقاصد هباءا منثورا، كالكتاب المبهَم الذي لا يُفهم معناه، ولا يبينه أستاذ، فيظل مجرد أوراق لا معنى لها!..
ثانيهما: إصغاءُ الناس إلى كلام ذلك المعلم، وتقبّلهم له.
بمعنى أن وجود الأستاذ مدعاة لوجود القصر، واستماعَ الناس إليه سبب لبقاء القصر، لذا يصحّ القول: لم يكن السلطان العظيم ليبني هذا القصر لولا هذا الأستاذ. وكذا يصح القول: حينما يصبح الناس لا يصغون إليه ولا يلقون بالا إلى كلامه، فسيغير السلطان هذا القصر ويبدله.
إلى هنا انتهت القصة يا صديقي. فإن كنت قد فهمت سر الحكاية، فانظر من خلالها إلى وجه الحقيقة:
إن ذلك القصر هو هذا العالَم، المسقّف بهذه السماء المتلألئة بالنجوم المتبسمة، والمفروش بهذه الأرض المزيّنة من الشرق إلى الغرب بالأزهار المتجددة كل يوم. وذلك
Yükleniyor...