وهكذا أينما ولّينا وجوهنا، قابَلَنا البلاء.. هذا هو طريق «الضالين والمغضوب عليهم» لأن النظر مصوّب إلى المصادفة والضلال.

وحيث إننا قلّدنا ذلك المنظار، وقعنا في هذه الحال، ونسينا موقتا الصانع والحشر والمبدأ والمعاد. إنها أشد إيلاما للروح من جهنم وأشد إحراقا منها.. فما جنينا من تلك الجهات الست إلّا حالة مركبة من خوف واندهاش وعجز وارتعاش وقلق واستيحاش مع يتم ويأس.. تلك التي تعصر الوجدان..

فلنحاول دفعها ولنجابهها..

فنبدأ مقدما بالنظر إلى قدرتنا. فوا أسفاه! إنها عاجزة ضعيفة.

ثم نتوجه إلى تطمين حاجات النفس العطشى، تصرخ دون انقطاع ولكن ما من مجيب ولا من مغيث لإسعاف تلك الآمال التي تستغيث!

فظننا كل ما حولنا أعداءً.. كل شيء غريب. فلا نستأنس بشيء، ولا شيء يبعث الاطمئنان.. فلا متعة ولا لذة حقيقية.

ومن بعد ذلك كلما نظرنا إلى الأجرام، امتلأ الوجدان خوفا وهلعا ووحشة، وامتلأت العقول أوهاما وريبا.

فيا أخي! هذه هي طريق الضلال. وتلك ماهيتها. فلقد رأينا فيها ظلام الكفر الدامس.

هيا الآن يا أخي لنرجع إلى العدم، ثم لنَعُد منه، فطريقنا هذه المرة في «الصراط المستقيم» ودليلنا العناية الإلهية، وإمامُنا القرآن الكريم.

نعم، لما أرادنا المولى الكريم، أخرجتنا قدرتُه من العدم، رحمةً منه وفضلا. وأركَبَنا قانون المشيئة الإلهية، وسيّرنا على الأطوار والأدوار.. ها قد أتى بنا، وخلع علينا خلعة الوجود وهو الرؤوف، وأكرمنا منـزلة الأمانة، شارتُها الصلاة والدعاء.

كل دور وطور منـزل من منازل الضعف في طريقنا الطويلة هذه، وقد كتَب القدر على جباهنا أوامره لتيسير أمورنا، فأينما حللنا ضيوفا نُستقبل بالترحاب الأخوي. نسلّمهم ما


Yükleniyor...