نعم، إن الذي يفعل هذا أمام أعيننا بكل حكمة وحفظ وتدبير وتربية ولطف هو الذي يقول: ﹛﴿ وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾|﹜ . وهكذا قس النقاط الأخرى على هذا المنوال. وإن كانت لديك قوة استنباط فاستنبط.

ولأجل مساعدتك ومعاونتك سنذكر ﹛﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾|﹜ أيضا. فإن لفظ «كُوِّرَتْ» الذي يرد في هذا الكلام هو بمعنى: لُفّتْ وجُمعَتْ، فهو مثال رائع ساطع فوق أنه يومئ إلى نظيره ومثيله في الدنيا:

أولا: إن الله سبحانه وتعالى قد رفع ستائرَ العدم والأثير والسماء، عن جوهرة الشمس التي تضيء الدنيا كالمصباح، فأخرجها من خزينة رحمته وأظهرها إلى الدنيا. وسيلفّ تلك الجوهرة بأغلفتها عندما تنتهي هذه الدنيا وتنسد أبوابُها.

ثانيا: إن الشمس موظفة ومأمورة بنشر غلالات الضوء في الأسحار ولفّها في الأماسي، وهكذا يتناوب الليل والنهار على هامة الأرض، وهي تجمع متاعَها مقللة من تعاملها، أو قد يكون القمر -إلى حدٍ ما- نقابا لأخذها وعطائها ذلك. أي كما أن هذه الموظفة تجمع متاعَها وتطوي دفاتر أعمالها بهذه الأسباب فلابد من أن يأتي يوم تُعفى من مهامها، وتُفصَل من وظيفتها، حتى إن لم يكن هناك سبب للإعفاء والعزل. ولعلّ توسّع ما يشاهده الفلكيون على وجهها من البقعتين الصغيرتين الآن اللتين تتوسعان وتتضخمان رويدا رويدا، تسترجع الشمسُ -بهذا التوسع- وبأمر رباني ما لفّتْه ونشرتْه على رأس الأرض بإذن إلهي من الضوء، فتلفّ به نفسها. فيقول ربّ العزة: إلى هنا انتهت مهمتُك مع الأرض، فهيّا إلى جهنم لتحرقي الذين عبدوك وأهانوا موظفةً مسخرةً مثلك وحقروها متهمين إياها بالخيانة وعدم الوفاء.

بهذا تقرأ الشمسُ الأمرَ الرباني ﹛﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾|﹜ على وجهها المبقع.

Yükleniyor...