له، ومشاهِدةً لمعجزات الصنعة الربانية في الوجود، وكأنها نحلة بين أزاهير الرحمة الإلهية في بستان الأرض، فتقطّر من شَهْد العبرة والمعرفة والمحبة نورَ الشهادةِ إلى القلب المؤمن.

ومثلا: إن لم تـبِــع حاسةَ الذوق -التي في اللسان- إلى فاطرها الحكيم، واستعملتها لأجل المعدة والنفس، فحينئذٍ تهوي إلى درك بوّابِ معمل المعدة واصطبلها، فتهبط قيمتُها. ولكن إن بعتَها إلى الرزاق الكريم، فإنها ترقى إلى درجة ناظرٍ ماهر لخزائن الرحمة الإلهية، ومفتّشٍ شاكر لمطابخ القدرة الصمدانية.

فيا أيها العقل! أفِق، أين الآلة المشؤومة من مفتاح كنوز الكائنات؟! ويا أيتها العين! أبصري جيدا، أين السمسرة الدنيئة من الإمعان في المكتبة الإلهية؟! -ويا أيها اللسان! ذق بحلاوة، أين بواب المعمل والاصطبل من ناظر خزينة الرحمة الإلهية؟!.

فإن شئت -يا أخي- فقِس بقية الأعضاء والحواس على هذا، وعندها تفهم أنّ المؤمنَ يكسب حقا خاصيةً تليق بالجنة، كما أن الكافر يكتسب ماهية توافق جهنم. فما جوزي كلّ منهما بهذا الجزاء العادل إلّا لأن المؤمن يستعمل بإيمانه أمانةَ خالقه سبحانه باسمه وضمن دائرة مرضاته، وأن الكافر يخون الأمانة فيستعملها لهواه ولنفسه الأمارة بالسوء.

الربح الرابع: إن الإنسان ضعيف بينما مصائبُه كثيرة، وهو فقير ولكن حاجته في ازدياد، وعاجز إلّا أن تكاليف عيشه مرهقة، فإن لم يتوكل هذا الإنسان على العلي القدير ولم يستند إليه، وإن لم يسلّم الأمرَ إليه ولم يطمئن به، فسيظل يقاسي في وجدانه آلاما دائمة، وتخنقُه حسراتُه وكَدحُه العقيم، فإما يحوّله إلى مجرم قذر أو سكّير عابث.

الربح الخامس: إنه من المتفق عليه إجماعا بين أهل الاختصاص والشهود والذوق والكشف، أن العبادات والأذكار والتسبيحات التي تقوم بها الأعضاءُ عندما تعمل ضمن مرضاته سبحانه تتحول إلى ثمارٍ طيبة لذيذة من ثمار الجنة، وتُقدَّم إليك في وقت أنت في أمسِّ الحاجة إليها.

وهكذا، ففي هذه التجارة ربح عظيم فيه خمسُ مراتبَ من الأرباح، فإن لم تقم بها فستُحرَم من أرباحها جميعها، فضلا عن خسرانك خمسَ خسارات أخرى هي:

Yükleniyor...