العلاجان: فأحدهما التوكل على الله والتحلي بالصبر، أي الاستنادُ إلى قدرة الخالق الكريم والثقةُ بحكمته سبحانه.

- أهو كذلك؟

نعم، إنّ من يعتمد بهوّية «عجزه» على سلطان الكون الذي بيده أمر ﹛﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾|﹜ كيف يجزع ويضطرب؟ بل يثبت أمام أشدّ المصائب، واثقا بالله ربه، مطمئنّ البال مرتـاحَ القلب وهو يردد: ﹛﴿ اِنَّا لِلّٰهِ وَاِنَّٓا اِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾|﹜ (البقرة: ١٥٦).

نعم، إن العارف بالله يتلذذ من عجزه وخوفه من الله سبحانه. وحقا إن في الخوف لذةً! فلو تمكنّا من الاستفسار من طفل له من العمر سنة واحدة مفترضين فيه العقلَ والكلام: «ما أطيب حالاتك وألـذّها؟» فربما يكـون جوابُه: «هو عندما ألوذ بصدر أمي الحنون بخوفي ورجائي وعجزي.». علما أن رحمةَ جميع الوالدات وحنانَهن ما هي إلّا لمعةُ تجلٍّ من تجليات الرحمة الإلهية الواسعة.

ومن هنا وجَد الذين كَمُل إيمانُهم لذةً تفوق أية لذة كانت في العجز ومخافة الله، حتى إنهم تبرّؤوا إلى الله براءةً خالصة من حَولهم وقوتهم ولاذوا بعجزهم إليه تعالى واستعاذوا به وحده، مقدِّمين هذا العجز والخوف وسيلتين وشفيعين لهم عند البارئ الجليل.

أما العلاج الآخر فهو الدعاءُ والسؤال ثم القناعةُ بالعطاء، والشكرُ عليه والثقةُ برحمة الرزاق الرحيم.

- أهوَ هكذا ؟

نعم، إن من كان ضيفا لدى الذي فَرَش له وجه الأرض مائدةً حافلة بالنِعم، وجعل الربيعَ كأنه باقة أنيقة من الورود ووضعها بجانب تلك المائدة العامرة بل نثَرها عليها.. إنّ مَن كان ضيفا عند هذا الجواد الكريم جلّ وعلا كيف يكون الفقر والحاجة لديه مؤلما وثقيلا؟ بل يتخذ فقرَه وفاقَته إليه سبحانه صورةَ مُشهٍّ لتناول النِعم. فيسعى إلى الاستزادة من تلك الفاقة كمن يستزيد من شهيّته. وهنا يكمن سبب افتخار الكاملين واعتزازهم بالفقر إلى الله تعالى. «وإياك أن تظن خلاف ما نقصد بالفقر، إنه استشعار الإنسان بالفقر إليه سبحانه والتضرع


Yükleniyor...