الثمرة الثالثة

فيا نفس! إن كنتِ حقا تريدين أن تنالي عملا أخرويا خالدا في عمر قصير؟ وإن كنت حقا تريدين أن ترَي فائدةً في كل دقيقة من دقائق عمرك كالعمر الطويل؟ وإن كنت حقا تريدين أن تحوّلي العادةَ إلى عبادة وتبدّلي غفلتك إلى طمأنينة وسكينة؟ فاتبعي السنّة النبوية الشريفة.. ذلك: لأن تطبيق السنّة والشرع في معاملةٍ ما، يُورث الطمأنينةَ والسكينة، ويُصبح نوعا من العبادة، بما يثمر من ثمرات أخروية كثيرة.

فمثلا: إذا ابتعت شيئا، ففي اللحظة التي تطبق الأمر الشرعي (الإيجاب والقبول) فإن جميع هذا البيع والشراء يأخذ حُكمَ العبادة. حيث تذكرك بالحكم الشرعي. مما يعطي تصوّرا روحيا. وهذا التصور يذكّرك بالشارع الجليل سبحانه، أي يعطي توجّها إلهيا. وهذا هو الذي يُسكب السكينة والطمأنينة في القلب.

أي إن إنجاز الأعمال وفق السنة الشريفة يجعل العملَ الفاني القصير مدارا للحياة الأبدية، ذات ثمار خالدة. لذا فانصتي جيدا إلى قوله تعالى: ﹛﴿ فَاٰمِنُوا بِاللّٰهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْاُمِّيِّ الَّذ۪ي يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَكَلِمَاتِه۪ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾|﹜ (الأعراف:١٥٨) واسعَي أن تكوني مظهرا جامعا شاملا لفيض تجلٍ لكل اسم من تجليات الأسماء الحسنى المنتشرة في أحكام السنة الشريفة والشرع.

الثمرة الرابعة

أيتها النفس! لا تقلّدي أهلَ الدنيا، ولا سيما أهلُ السفاهة وأهلُ الكفر خاصة، منخدعةً بزينتِهم الظاهرية الصورية، ولذائذِهم الخادعة غير المشروعة، لأنك بالتقليد لا تكونين مثلهم قطعا، بل تتردَّين كثيرا جدا، بل لن تكوني حتى حيوانا أيضا؛ لأن العقل الذي في رأسك يُصبح آلةً مشؤومة مزعجة تُنـزل بمطارقِها على رأسك، إذ إن كان ثمةَ قصر فخم فيه مصباح كهربائي عظيم تشعبت منه قوةُ الكهرباء إلى مصابيحَ أصغر فأصغر موزّعةٍ في منازلَ صغيرةٍ مرتبطة كلها بالمصباح الرئيس. فلو أطفأ أحدُهم المصباحَ الكهربائي الكبير، فسيعمُّ الظلامُ المنازلَ الأخرى كلَّها وتستولى الوحشةُ فيها، ولكن لأن هناك مصابيحَ في قصور أخرى غير مربوطةٍ بالمصباح الكبير في القصر الفخم، فإن صاحب القصر هذا إن أطفأ المصباحَ


Yükleniyor...