هذه المسألة؛ إذ من المعلوم أن اثنين من أهل الاختصاص يرجَّحان على آلاف من غيرهم. وهم كذلك «أهلُ الإثبات» في هذه المسألة، ومن المعلوم أن اثنين من أهل الإثبات يرجَّحان كذلك على آلافٍ من «أهل النفي».

وهل من الممكن أن تدخل أيةُ شبهة وبخاصة فيما ذكره القرآنُ الحكيم المعجِز الذي يتلألأ في سماء الكائنات دائما دون أفول، فهو شمسُ شموسِ عالم الحقيقة، وبما شهده وشاهده النبيُ الكريم عليه الصلاة والسلام وهو شمسُ الرسالة؟.

ولما كان تحقق وجود كائن روحاني واحد -في وقت ما- يُظهر حقيقةَ وجودِ جميع نوعه، وقد تحقق هذا فعلا. فلابدّ أن أفضلَ صورةٍ معقولة ومقبولة لحقيقة وجودهم هو مثلما شرحتْها الشريعةُ الغرّاء، وأظهرَها القرآنُ الكريم، وشاهدها صاحبُ المعراج عليه أفضل الصلاة والسلام.

الأساس الرابع

إذا أمعنا النظر في موجودات الكون نلاحظ أن: «للكلّـيّات، كما هي للجزئيات، شخصيةً معنوية، بحيث تُظهر لها وظيفةً كليّةً».

فكما أنّ الزهرة -مثلا- بإظهارها دقةَ الصنعة فيها تسبّح بلسان حالها بأسماء فاطرها، فرياضُ الأرض كلُّها أيضا هي بحُكم تلك الزهرة، لها وظيفة تسبيحية كلّية في غاية الانتظام.

وكما أنّ الثمرة تعبّر وتُعلن بنظامها البديع المنسق عن تسبيحاتها، كذلك الشجرةُ الباسقة بكليتها، لها عبادة ووظيفة فطرية في أتمّ نظام.

وكما أن للشجرة الباسقة تسابيحَ بحَمد ربِّها بكلماتِ أوراقِها وأزهارها وأثمارها، فإن لآفاق السماوات الشاسعة تسابيحَها للفاطر الحكيم بكلماتِ شموسها ونجومها وأقمارها، وهي تحمد وتمجّد صانعَها جلّ جلالُه.

وهكذا الموجودات الخارجية كلها -رغم أنها جامدة ودون شعورٍ ظاهرا- فلها واجبات وتسابيح بحمد ربّها في منتهى الإحساس والحيوية.

Yükleniyor...