ذلك أن تكذّب جميع الإجراءات الحادثة. وعنده لا يمكن أن يُقال لك أنك إنسان له شعور. بل تكون إذ ذاك أشدَّ حماقة من السوفسطائيين.

∗ ∗ ∗


وإياك إياك أن تظن أن دلائل وإشارات تبديل المملكة منحصـرة في «اثنتي عشرة» صورة التي أوردناها، إذ إن هناك ما لا يعد ولا يحصى من الأمارات والأدلة على أن هـذه المملكة المتغيرة الزائلة تتحول إلى أخرى مسـتقرة باقية، وهناك الكثير الكثير من الإشارات والعلامات تدل على أن هؤلاء الناس سيُنقَلون من دار الضيافة الموقتة الزائلة إلى مقر السلطنة الدائمة الخالدة.

يا صاحبي! تعال لأقرر لك برهانا أكثر قوة ووضوحا من تلك البراهين الاثنى عشر التي أنبأت عنها تلك الصور المتقدمة. تعال، فانظر إلى المبعوث الكريم، صاحب الأوسمة الرفيعة الذي شاهدناه في الجزيرة -من قبل- إنه يبلّغ أمرا إلى الحشود الغفيرة التي تتراءى لنا على بُعد. فهيّا نذهب ونصغِي إليه.. انتبه! فها هو يُفسّر للملأ البلاغ السلطاني الرفيع ويوضحه قائلا لهم:

تهيأوا! سترحلون إلى مملكة أخرى خالدة، ما أعظمَها من مملكة رائعة! إن مملكتنا هذه تعدّ كالسجن بالنسبة لها. فإذا ما أصغيتم إلى هذا الأمر بإمعان، ونفّذتموه بإتقان ستكونون أهلا لرحمة سلطاننا وإحسانِه في مستقره الذي تتجهون إليه، وإلّا فالزنزانات الرهيبة مثواكم جزاء عصيانكم الأمر وعدم اكتراثكم به..

إنه يذكّر الحاضرين بهذا البلاغ، وأنت ترى على ذلك البلاغ العظيم ختمَ السلطان الذي لا يُقلّد. والجميع يدركون يقينا -إلّا أمثالك من العميان- أن ذلك المبعوث المجلل بالأوسمة الرفيعة هو مبلِّغ أمين لأوامر السلطان، بمجرد النظر إلى تلك الأوسمة.

فيا ترى هل يمكن الاعتراض على مسألة تبديل هذه المملكة التي يدعو إليها ذلك المبعوث الكريم بكل ما أوتي من قوة، ويتضمنه البلاغ الملكي السامي؟ كلا.. لا يمكن ذلك أبدا، إلّا إذا أنكرتَ جميع ما تراه من أمور وحوادث.

Yükleniyor...